الأخبار الثقافيةمقالات

الأدب النسائي العربي

بقلم- رزان البكر:

الأدب النسائي او النسوي يطلق عليه ايضاً ادب الانثى او ادب المرأة ورغم ظهوره في سبعينيات القرن التاسع عشر في فرنسا وتداوله داخل الساحة الثقافية منذ ذلك الحين كمصطلح تعريفي للنصوص المرتبطة بقضايا النساء والدفاع عن حقوقهن ونصرة المرأة في صراعها التاريخي للعدالة الا انه ما يزال جديد نسبياً على المجتمعات العربية

لقد نشط عند العرب في السبعينيات والتسعينيات وواجه عدة تهم احداها انه تمييز بحد ذاته فلا يوجد هنالك ادب ذكوري مقابل له وان تصنيف ما تكتبه النساء كأدب نسائي مجحف في حقهن لكن هذه التهمة لم تنتج سوى من سوء فهم الادب النسائي فهو لا يشترط ان تكتبه انثى هو يدرج تحته كل نص يمس قضايا المرأة بغض النظر عن جنس الكاتب ثم واجه تهمة اهتمام الكاتبات بإنتاجه وتسليط اهتمامهم بقضايا النساء والذي بدا وكانه تجاهل للقضايا الانسانية الاخرى التي على الادب نصرتها والتصنيفات الاخرى التي يتفرع لها

وتقول الكاتبة امل الحارثي في مقالها “الكتابة النسوية” ما يبطل هذه التهمة :

نحن ككاتبات، نعطي المرأة العربيّة اليوم جُلَّ اهتماماتنا؛ لأنّنا مقتنعات بأنّها من أكثر فئات المجتمع تَضرُّرًا وتَعرُّضًا للظلم. ولو تَغيّر الحال، وتغيّرت القوانين وأصبحَت أكثر إنصافًا، لكتَبْنا عن كلّ القضايا الأخرى بالتساوي، ولأعطيناها الاهتمام نفسه.

إنّ مِن واجب كلّ مَن تُدافع عن المرأة، أنْ تُدافع عن الرَّجل المقهور بالقدر نفسه. فالحقوق والحرّيّات لا تتجزّأ، والدفاع عنها يجب ألّا يُميّز بين رجل وامرأة. وعلينا ألّا ننسى أنّ الهمّ الأكبر مشترَك، وهو الاستبدادُ السياسيّ الذي يتغذّى في كثير مِن الأحيان بالجهل، وفقدانُ العدالة المجتمعيّة، والتمييزُ على أساس الجنس أو الدِّين أو العِرق.

ورغم التهم التي يواجها الادب النسائي وحداثة انتشاره ما زال حاضر في الادب العربي

واحد ابرز الروايات التي تندرج تحت الادب النسوي العربي كانت رواية “زينة” للطبيبة النسوية نوال السعداوي التي عرفت بمناصرتها للمرأة قبل ان تكون أديبة

وهنالك غيرها ممن كتبن باللغة العربية في الادب النسوي كرضوى عاشور سلوى بكر ليلى بلبكي أحلام مستغانمي و فدوى طوقان وهي ابرز الأسماء لا كلها والناتج مرضي ومستمر لكن وللأسف يميل بعض مناصري حركة نصرة النساء من العرب اليوم الى تداول مقولات الغرب مهملين لدور الاعمال العربية وانجازات الادب النسائي العربي وقد يكون الفعل صادراً عن تعمد او جهل لكن من الضروري تعديل الوضع في المستقبل ومعرفة الأدب النسائي العربي لعب دور أساسي في بروز قضايا النساء في الوطن العربي و زيادة الوعي بحقوقهن

والادب بكل انواعه شهد في عملية كتابته في الأصل جهاداً من الكاتبات وهي قضية تحول بين النساء والكتابة فقرار المرأة في ان تبدء مهنتها ككاتبة لم يكن مساوي لقرار الرجل في بدء مهنته ككاتب لدى اغلب المجتمعات وكان هنالك تمييز بين ما تكتبه النساء في القيود والمواضيع

تقول الكاتبة أميرة حسن الدسوقي، التي صدر لها المجموعتين القصصيتين “بس يا يوسف”، وتانجو ميدان الجيزة”، أن المشكلة في القارئ بشكل عام وليس الكاتب أو الكاتبة، فهو يقوم بإسقاط القصة أو الأحداث المذكورة في الرواية، على قصة حياة الكاتب الحقيقية، الأمر الذي يصيبهم بصدمة إن تحدثت كاتبة مثلاً عن تابوهات مثل الجنس والعلاقات غير الشرعية في روايتها، وقتها ستكون هي في نظرهم موضع الاتهام. وعلى الرغم من الاتهامات للكاتبات فهن يواصلن شق طريقهن في الادب سواء كان ادب نسائي او أي مجال اخر للآداب

وتتفق الكاتبة أماني خليل صاحبة رواية “الوهج” مع رأي أميرة حول إسقاط المجتمع للكتابة الأدبية علي الحياة الخاصة للكاتبة، غياب الحدود بين الإبداع والحياة الشخصية للمبدع حاصل أيضا في الفن، وكأن كل الكتابة هي بالضرورة سيرة ذاتية أو جزء من السيرة الذاتية للكاتب.

هذا الضغط يجعل الكاتبة في كثير من الأحيان تمارس نوعاً من الرقابة الذاتية على إبداعها كي يظهر في صورة مقبولة بعيدا عن الوصم المجتمعي، وفور أن نمارس رقابة ذاتية على إبداعنا فإن ذلك يجعل الإبداع منقوصا ومبتسر وخاليا من الحياة.

وتضيف الكاتبة المصرية-اللبنانية سحر مندو بأن الكتابة النسوية تحتاج لعمق ومعرفة بالمجتمع وذكوريته وأبعادها، حتى تتمكن الكاتبة من تفكيك الجرائم الذكورية ومواجهتها.

وتكمل بأن الأدب النسوي يتطلب من كاتبته وكاتبه أن يكونا على قدر من الحرفة ليتمكنا من مخاطبة شريحة واسعة ومتنوعة من الناس.

مثلاً على الكاتبة أن تتمتع بالتوازن اللازم لاستقطاب قرائها وعدم تنفيرهم، والاستقطاب في رأيها لا يتعارض مع الصدام أو التشاجر. فالقوى الذكورية في المجتمع دائماً ما تستشرس دفاعاً عن مكتسباتها، وتحاول إزالة الشرعية عن الكاتبات النسويات: مثل اتهامهن بالجنون أو الكفر، أو الدعوة للفساد الأخلاقي.

ورغم هذا تبقى اقلام النساء تبذل من الكلمات ادباً

وسيدوم بذلها في الادب بشكل عام والادب النسائي بشكل خاص فالغاية منه لم تُنل بعد في الوطن العربي

خلاصة القول، فالأدب النسائي عليه ان يكون شاهد على قضايا النساء ومعاناتهن عبر العصور ومن كل بقاع الأرض وسيدوم زرع الوعي من خلاله وقد يخلد كمرجع تاريخي لقضايا النساء في الوطن العربي وماذا قُدم لحلها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى