إبداعات

إضاءة .. رواية”جنتلمان في موسكو”

 كيف تتكيف مع حياة مختلفة تماما عن حياتك المعتادة؟

 

حسين الأمير، روائي سعودي:

رواية جنتلمان في موسكو ألفها الكاتب الأمريكي أمور تاولز، بنكهة السخرية والانضباط، وتكوين شخصيات مميزةتتعايش معها طوال فترة قراءتك.

صدرت الرواية عام 2017م، ترجمها من الإنجليزية إيهاب عبدالحميد صدرت باللغة العربية عن دار التنوير.

المكان الجغرافي للرواية هو فندق المونتربول قبالة الكرملين، والساحة الحمراء في موسكو. الزمن بعد سقوط الحكم القيصري وصعود القوة البلشفية لسدة السلطة حتى خمسينيات القرن السابق، وذاكرة طويلة لحياة أرستقراطية للجنتلمان.
بطل الرواية الكونت ألكسندر إلييتش روستوف حامل وسام القديس أندرو عضو نادي الفروسية مستشار الصيد الامبراطوري.
عتبة الرواية:تشكلت محكمة الثورة واصدرت حكمها على بطل الرواية، والذنب الوحيد أن روستوف ينتمي لأسرة أرستقراطية!!
لكن حكمها لم يكن النفي إلى سيبيريا كما هي أغلب الأحكام، ولا المنع من دخول المدن الست الكبرى للاتحاد السوفيتي؛ بل الإقامة الجبرية في فندق المونتربول الشهير، والشفاعة لذلك تعود إلى أن الكونت كان خارج البلاد وقت الثورة وعاد إليها مؤيداً.
الرواية تنقسم إلى خمسة فصول أطلق عليها المؤلف الكتب الخمسة
الكتاب الأول  ثم الثاني حتى الكتاب الخامس مع فصول فيها تعليق على بعض الأحداث وسقطات توضيحية لعدة صفحات.
جاءت الرواية بصوتين:الصوت الأول هو صوت الروائي العليم، ولكن بخفة ظل، حركتها التعليقات الساخرة، لحركة بطل الرواية، الذي يتصف بالانضباط لجنتلمان مميز، كان في يوم من الأيام فارسا، ارستقراطيا ذائع الصيت والصوت الثاني صوت البطل نفسه، روستوف التي تدور حركة الرواية في أغلبها حوله.
أبطال الرواية هم موظفي الفندق أندري، إميل، الشيف زوكوفسكي، مارينا هذه الشخصيات أصبحت عزيزة وصديقة للكونت روستو.

من خلال هذه الحياة المثيرة،والغريبة، تناقش الرواية حركة وتطور الحياة السياسية، والمجتمعية لروسيا، من بداية الثورة اللينينية وصعود البلاشفة للحكم، مرورا بحكم استالين والتغير الجذري للحياة الاجتماعية. من حياة امبراطورية استقراطية مهتمة تماما بالشكليات، والذوق، والدين، إلى حياة مسطحة متشابهة، وذات لون واحد في الظاهر، وفي الداخل عميقة تديرها مكنة خفية من الرقابة، والجاسوسية، التي تأتي بنظام محكم، وقابض على جميع مفاصل الحياة .
الرواية تصور الرتابة للفترة الزمنية التي تتحدث عنها بسبب التشابه المفرط لكل شيء، ولكي لا تدخل الرواية أيضًا في الرتابة المملة، تتجه ذاكرة الكونت إلى حياته السابقة قبل الثورة، وهجرته لباريس ومسبباتها.
ثم تدخل على خط الأحداث، شخصية نينا الطفلة، التي تلقي لون آخر، في حياة الكونت، بمغامراتها، وطموحها الجامح، تكبر نينا مع أحداث الرواية تخرج من الفندق التي جاءته نازلة من كييف برفقة والدها وبشكل متكررة، تكبر تنجب طفلة،تتكور الأحداث لتلقي بها مرة أخرى في فندق المونتربول، أمام الكونت مقدمةً لهُ ابنتها صوفيا أمانة وتسير باقي أحداث الرواية لتدور حول صوفيا التي قال لها الكونتموضحاً أهميتها (أؤكد لك ياعزيزتي أنك لو عزفتِ على البيانو فوق سطح القمر فسوف أسمع دقة كل وتر) لتستمر حياتها مع الكونت حتى تكبر وتصبح من أفضل الموسيقيات.
جنتلمان في موسكو، رواية حياة،تجيب عن سؤال كيف يكيف الإنسان نفسه مع أقسى الظروف؟ فتسمع من خلالها صوت الملعقة، والشوكة على طاولة الطعام، في قاعة مطعم البويارسكي،تعبر أنفك روائحألذ أنواع الوجبات مع صوت نوتات العزف لمشاهير الموسيقى الأوربية يرافقها حب وعشق ناعم مع شخصية الحبيبة آنا اوربانوفا، الممثلة ممشوقة القوام، صاحبة الانطباعات الثانوية؛ فهي ابداً لم تكن صاحبة الانطباعات الأولى، كانت تقول وهي تمسك السيجارة ( من فضلك امنحني فرصة ثانية لانطباع اول) وكثيرا ما سوف يتذوق القارئ أسماء المشروبات في بار الشاليابين التابع لفندق المونتربول برفقة شخصيات تقدس الانضباط واللباقة والبروتوكولات.
الخاتمة تأتي مختلفة تماما في سير خط الرواية، التي تغيب عنها التصاعدية الدرامية، وتسارع الأحداث.

تأتي مباغتة ومختلفة جداً، وكأن المؤلف أعد كل الرواية لتجعل القارئ ينطلق انطلاقه صاروخية من دون مقدمات كأنها تعيد تشكيل الرواية من جديد، ليعيش القارئ حياة أخرى معها لكن خارج الرواية.
رواية جنتلمان في موسكو تعيش معها حياة الأرستقراطي في الزمن البلشفي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى