أخبار المؤلفين والكتاب

إعادة قراءة في المشاهد التاريخية في الطبعه الثانيه من كتاب (الشعب يبدي رايه )

 

 

كتبت-هالة ياقوت

صدرت الطبعة الثانية من كتاب ( الشعب يبدي رأيه في كل ما حد ) للكاتب محمد الشماع”. والذي كانت طبعته الأولى قد صدرت نهاية شهر أغسطس من العام الجاري.   الشعب يبدي رأيه في كل ما حدث » ليس كتابًا بمعناه التقليدي، بل هو أشبه بمجلة أو جريدة موازية، يقِّدم جزءًا من التاريخ الموازي كما روته الصحافة المصرية. يعرضه المؤلف بوجهة نظر معاصرة، أكثر حيادية عن الظرف الاجتماعي والسياسي الذي كُتبت فيه.
في الكتاب مجموعة من قصاصات الصحف والمجلات القديمة، اختارها الكاتب الصحفي “محمد الشماع” كصانع مجلة أو جريدة، تحت كل باب مجموعة من الأخبار أو التحقيقات أو التقارير، بحيث تكون متناغمة لتحكي تاريخًا مترابطًا لبعض الحوادث الكبرى التي مرَّت على مصر خلال القرن الماضي ، يقدِّم من خلالها وجبة دسمة من أخبار المجتمع والناس البسطاء، لا يخلو من حس فكاهي ساخر، وغوص في عالم الكبار والصغار في آنٍ واحد.

ولأن الصحافة هي أحد مصادر التارخ المهمة والمؤثرة، فالكتاب يقدِّم دعوة لإعادة قراءة مشاهد متناثرة، ليكتشف مثلاً أن خطة توزيع الأراضي على صغار الفلاحين بدأت في عهد الملك فاروق، وليس بعد ثورة يوليو 1952 التي نسبت المشروع لنفسها… وأن البابا كيرلس أعلن ظهور مريم العذراء في كنيسة بالزيتون أمام 150 مراسل صحفي عالمي… وأن أم كلثوم وصفت العاصمة الفرنسية باريس بمدينة الفقر والجهل والمرض.
سيكتشف القارئ أن ستاد القاهرة الدولي ( الذي تم افتتاحه عام 1960 تحت اسم “ستاد ناصر”) بدأت فكرة إنشائه منذ عام 1948 ، وأن المهندس الذي قام بتصميمه هو نفسه مصمم ستاد ميونخ الأولمبي… سيعرف أيضًا أن “زمباكولا” كان منافسًا مصريًا شرسًا لمنتجات بيبسي كولا وكوكاكولا العالمية… وسيكون بإمكانه معرفة أن حانوتي اليهود المصريين في أوائل السبعينيات كان مسلمًا يدفن جثامينهم مقابل 30 جنيهًا… وأن أكابر السياسيين ورؤساء الأحزاب في مصر سمحوا لأنفسهم أن يكونوا مادة إعلانية لنوع من أنواع الصابون، ليس لشيء إلا لأنه كان يحمل اسم الملك فاروق.
سيتعاطف القارئ مع أحمد فؤاد نجم وهو يصرخ في وجه المجتمع: شوفوا لي شغلانة لأن لي ميول إجرامية… وسيعجب أن بعد وفاة الضيف أحمد قدم سمير غانم وجورج سيدهم مسرحية لم يشاهدها إلا 3 أشخاص… وسيضحك حين يعرف أن الشرطة المصرية ألقت القبض على شخص حاول شرب “نهر النيل”.
يحكي الكتاب كيف كان استقبال أعضاء المجمع اللغوي العربي لعضوه الجديد توفيق الحكيم، وكيف غنى أحمد عدوية على مسرح متروبول أثناء حرب أكتوبر، وتبرع بإيراد الحفل لصالح المجهود الحربي، في نفس الوقت الذي كان يُعرض فيه على سينما رويال بالإسكندرية فيلم “مغامرات عبيط” للوجه الكوميدي الجديد – وقتها – “وودي آلان”.
لم يتقيد الشماع بتاريخ معين لقصاصاته، فهناك قصاصة مثلاً من جريدة “الأهرام” تعود إلى العام 1881، وهناك قصاصة أخرى من مجلة “صباح الخير” تعود إلى سنة 1985 حيث كانت إصابة الملاكم الأمريكي المسلم محمد علي كلاي في الرأس هي الشغل الشاغل؛ ليس في مصر فقط، بل في العالم كله. وقصاصات تستعرض مشاحنات في الصحف عن اختيار نجيب محفوظ لمحمد سلماوي كي يستلم عنه جائزة نوبل.
ما بين قصاصات الكتاب سنكتشف أن بعضًا من سطور التاريخ المحفورة في الأذهان وتتناقلها ألسنة عن ألسنة؛ محض افتراء وزيف. سنكتشف أعمالاً تُنسب لآخرين، وحقائق روَّج البعض لها باعتبارها أكاذيب. سنكتشف شخصيات ومواقف لها العجب، وسنفتح كتابًا لم يفتحه قبلنا إلا قلائل، فنجد تاريخًا موازيًا مكتوبًا بأحبار لها رائحة الماضي، ولها رائحة الصدق الخالص، نقلها المؤلف بتحليل بسيط كما هي، بنفس أسماء الأشخاص والأماكن والأحداث.
في الكتاب محاولة لتقديم سطور من التاريخ كما رواها وشاهدها البسطاء من الناس، بتدخلات تحليلية تفسيرية لما وراء القصاصة، فبعضها كان يحتاج إلى شرح مبسط كي تصبح مفهومة بعد سنوات طويلة من كتابتها أول مرة.
القصاصات كثيرة، والمعلومات المدهشة أكثر، هنا محاولة لجمع بعضها، في دعوة واضحة لقراءة التاريخ عبر أحد مصادره الرسمية، الصحف والمجلات القديمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى