إبداعاتالأخبار الثقافية

في مديح حب أنثى الضاد

قصيدة – الشاعر الفلسطيني عبدالله عيسى

لا أزال أحبّكِ

بين المرايا التي هرمتْ في بيوت تباغتها الحرب في ما يدوّنه العابرون،

وبعض الرواة،

ومغتنمو الفرص الضائعةْ.

مثل ريح على عجلٍ تتعثّر بالسرو فوق التلال البعيدة ،

كنتُ أجيئكِ

بالقبّرات التي داهمتني،

وخوف النجوم التي سقطت في الغدير بلا أثر ٍ،

كلّما التفتت لي يداكِ .

وكنتِ بنشوة سنبلة تنضجين ظلالك بين السواقي التي لم تعدْ تقتفي خطوتي،

و المراسي التي صدأت في مرافئ

ما زلت فيها غريباً

كأجراس طيفي التي غرقت في دموعكِ.

ليس ضباب الرحيل الذي اسودّ في دمنا فجأة ،

لا ارتباك الشفاه التي علقت في شِباك الجفاف،

ولا أنّة الحلم حين نفيق على غفلة من أصابعنا في سريرين في بلدين غريبين.

بل لم يعدْ أحد ما يرانا نطيل العناق قريباً من الدير في الليلة السابعةْ.

يدكِ التي كبرت ، كضوء ينقر الشبّاك ، بين أصابعي،

ترعى ممالك نحل اهل الشام في جسدي النحيل،

ورقصة الغجر الذين بنوا خيامهمُ الأخيرة في الطريق الى بعلبك.

تشبه ماء العذارى في مخيّلة البداوي،

كلما أردى بنا العطش الذي لا ينتهي ورثَتْ ينابيعاً تفجَر ُ في الخلايا

خبط عرجون قديم قد هوى .

لم ينتبه أحد سواي

إلى ظلال فراشة عادت لتغفو ، مثل أقداري التي تاهت كسهم طائش من قوسكِ الوثنيّ ، بين خطوطها.

يدك التي ركضت ، لتلحق بي ، أمام البحر فارتطمت بصخر الشاطئ المهجور،

لم أعثر عليها في المنافي .

لم أعد ذاك

الذي

ما ضلّ عنك ِ

وما غوى.

والنهر أيضاً يدّعي ، مثل الغمامة ، أنه يمشي وراءكِ ، هائماً ، نحو الغدير ،

وتهمس الغابات للريح التي وقفت على عتبات بيتك ، مثل ظلي ، أنّ صوتك يشبه أن تختلي صفصافة بحفيفها،

وتصدّق الأمواج أنكِ أنتِ من أهديتِ أجنحةً لأسراب النوارس.

غير أنّك لم تتفقّدي جسدي الذي يعوي ، كتمثال وحيد في الحديقة، موحشاً،

ودمي الذي أورثته ألم الوعول،

وخيبة الأصداف في زبدِ البحارِ المعتمةْ.

عشرون عاماً

اعبر الأمواج،

و الأضواء في المدن الغريبة،

والدروب المستباحةَ بين وادي النمل والآبار في اطراف مملكة الهداهد،

والروايات التي اتسعت لحادثة انتحاري بين هاويتين ،

والأمل المخاتل في وصايا قارئات الكفّ،

حتّى اقتفي اثري الذي ضيّعتُ في عينيكِ.

لم تعثر عليك سوى المرايا النائمة.

ماذا يخبي لي هذا العناق وقوفاً،

الطويلُ كضوءٍ ساقطٍ من سماءِ غابةٍ تحت خطّ الاستواء،

الحزينُ مثل وردة فقدت ْرحيقها في الرياح الموسميّة؟.

صوتُكِ الممزٌقُ يرغو في دمي كحديث مهمل ٍ في زوايا الغرفة الموحشةْ.

وقميصكِ المبلّلُ بالآهات يعلو على صدري ويهبط بي كريشة في فم الدخان،

فيما الشمع، اعمى كعُزلةِ العناكب في مرعى، يسحّ على ظلّي،

وتلهو بأعضائي أظافرك العمياء ُ.

لو إنني ما زلتُ ساقيةً لما توقّفتُ عن غسل الخطايا،

لوَانّ الحبّ ملكُ يديْ البيضاء ما خاب ظنّ العاشقين بما ظنّوا بمن عشقوا،

لو ان لي قلباً سوى هذا.

انا كومةٌ تحتّها الريح من حجارةٍ لكي تعبري ماضيكِ نحوي.

اذكري اسمي ولو مرّة حتّى اصدق قلبي

ان عينيكِ هذا الصيف قد تعثران بي،

وجسمَكِ يصحو في الشتاء مثل أغنية ريفيّة في سريري.

ليت قلبيَ هذا ليس لي

ليته لي كي أعود إليّ ، مثلما كنتُ وحدي، دونكِ.

انتظرتكِ شتلةُ الأقحوان في يدي، و الحقول

تلك التي جاءت معي لكي تركضي فيها،

وخيبات عشّاق راوا جسدي قتيل حبّكِ بينهم،

انا من تبقّى من حطامكِ في هذا العناق الذي يبقى كذاكرةٍ تشقى،

اذكري مرةً اسمي لأغفر لي

أنّي شبيه مناديل الوداع التي تحجّرت في يديكِ،

بينما أنتِ تبكين سوايَ.

اذكريني بين عشّاقكِ الذين أعميتِهم بما رأوا منكِ من وراء حجاب كلّما سكروا .

لا تقتلي شاعراً مثلي بما سوّلت أقدارُكِ الطائشةٌ.

شاعر فلسطيني مقيم في موسكو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى