إبداعاتالأخبار الثقافية

رِجس

قصة – صفاء الأحمد، الأردن:
أطلّ الليل بوجه مشرق هذه المرة، القمر مكتمل والنجوم لآلئ تزين ثوب السماء الأسود، الحارات فارغة وأصوات الناس تختبئ خلف جدران عتيقة.
أمشي بالقرب من مقر عملي بين بنايات متداعية في منتصف المدينة وصوت صرصور الليل يؤنس وحدتي،
يُثقل كتفيّ جشَم يوم عمل شاق كنت فيه ضحية مؤامرة دنيئة بين أحد زملائي ورئيسي في العمل، أفكر جدّيا بتقديم استقالتي.
فاجأني جرذ يقف في منتصف شارع ضيق لا يعبره إنس ولا جان، يقع بين مقر عملي وبناية مهجورة.
حاولت دكّ رأس الغثيان الذي أطلّ من معدتي، تجاسرت على خوفي ومضيت في طريقي وإذا به ينتصب على قوائمه الخلفية وكأنه يهيئ نفسه لقتالي.
تراجعت خطوة للخلف، بدأت أفكر في العودة من حيث أتيت موبّخا نفسي على اقتحام هذا الطريق المهجور.
عندما استدرت وجدت صفّا من الجرذان خلفي، يا إلهي أنا في مأزق حقيقي!.
قلت لنفسي لا بد وأن أكمل الطريق، حتما مواجهة جرذ واحد خير من مواجهة قبيلة من بني جلدته.
استدرت من جديد وإذا بالجرذان تحدّني من كلّ الجهات..
تسمرت مشدوهًا، أتساءل ما الذي يحدث؟
اختفى صوت صرصور الليل، داهمت السماء غيوم داكنة التهمَت وهجها، أصوات صرير الجرذان تخرق مسامعي، وكأنها تتحاور بشأني.
كنت أستعدّ في تلك اللحظة للفظ آخر أنفاسي، أتخيل جيوش الجرذان تزحف نحوي، تهاجمني، تنهش ملابسي ثم ترديني قتيلا.
بدأت دقات قلبي بالتسارع، نفَسي يعدو في صدري بينما الجرذان تحوطني، والليل يوغل في السواد، باغتني صوت قط شوارع من خلفي، وثب عليها فظفر بأحدها وفرّ مبتعدا بغنيمته.
عصّبت عيوني بذراعيّ بينما تفرّقت الجموع هلعًا حتى اختفت.
تنفست بعمق ثم عدت أدراجي من حيث أتيت غير مصدّق ما حدث ..
لقد نجوت بالفعل!.
في اليوم التالي توجهت إلى مكتب المدير، كان وجهه للحائط و ظهر كرسيه لي، استدار نحوي، فوجئت بجرذ البارحة بحجم المدير يعتلي الكرسي ويطالعني باشمئزاز، توقف شعر جسدي، أبرزت مخالبي، وبدأت بالمواء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى