إبداعات

صورةٌ جانبية

شعر- علي الدميني:
ظمأي دمي
وحجارةُ الوادي لساني
وأرى على زبد المغيب
هواءَ فاتنة يرنّ على حواف الكأسِ
منكسراً فتذهب كالوداعِ لشأنها
وأنا لشاني.
وحدي بلا أرقٍ يؤانسني،
بدون يدٍ تدلّ فمي على الذكرى
وتسأل عن مكاني.
ماذا أخبئ في دنان الوقت من أطيافها الأولى،
وماذا أستعيرُ لها من الأوصاف
إن عزّ المجازُ
وبلّل النسيانُ مرقدَها،
وهرولتِ المعاني؟
ظمأي دمي
وخيالُ مسراها لساني
لكأنما تتنزّل الأحلامُ عاريةً كصورتها،
وغامضةً كنصّ كتابة في الماءِ،
عنواناً يقود إلى فراغ العمرِ
أو “ذهبِ” الأماني،
أسميتُها أنثى فقام “أزيزُها”
من عتمة الأغصانِ،
يلمع مثلَ شكّي في وجود الشيء
أو ذكراهُ،
أذكر يوم قادتني لغرب النهرِ،
كان بريقها عيني
وكان رصاصُها دَيْني،
وحين سكنتُ في النسيانِ
ضاع طريقها مني، وغرّبني زماني.
ظمأي أنا وحصانُ هودجها حصاني
ها إنني أصفو،
فأخرجُها من التابوت،
أنحت نبضَها جرساً من الساعاتِ
نعناعاً و”مَنّا”
وأقول يقتلني هواكِ وأنتِ منّا
ولسوف أدعوها إلى وجعي
لنشربَ،
أو لنلعبَ،
أو لنكتبَ،
ما تَقدّم من رفاتِ زماننا العربيِّ
أو ما قد تأخّر من علامات التداني.
ظمأي فمي
وعلى سواد العين صورتُها،
أليفٌ وجهُها كفمٍ مسَسْتُ،
كلذعةٍ أُولى على طرف اللسانِ.
يا أيها النهرُ الوحيد
أكنتَ تعرفها لَوَ أن جناحَها
قد رفّ فوق الجسرِ،
لو أني أريتُكَ صورةً عنها،
أتذكر خفّةَ الأشياءِ
خربشةَ الصغار على النهارِ
ورسمَ ميسمِها رهيفاً، ناحلاً، كالشعرِ
كالقبلات في شرخ الصِّبا،
أو رعشة الصبوات
وهي تهلّ من مطر الأغاني؟
هي زهرةُ الكلماتِ،
أولُ ما تعلّمنا من الأسرار والأفكارِ
أولُ سورةٍ في الأبجديّه.
وهي الأساطيرُ التي ما خطَّها بشرٌ
ولا أسرى بها شجرٌ
وما برحتْ تسكّ على الشبابيك النديّةْ…
لمعانَ ما يطفو من المعنى
على شفق القبابِ
وما يفيض عن الهوية.
أَسميتُها أنثى،
فمن ذا لا يرى أنثاه في دمهِ
ومن ذا لا يرى “راياتِ يحيى”
وهي تخرج من عباءتها البهية؟.
وهي الصبيّةُ والبقيّةُ،
والسحابةُ والكتابةُ،
وهي أُولانا وأخرانا
زهورُ “شقاوةِ” الأطفال إن جمحتْ،
وأجملُ ما تُسمّى “البندقية”.
ظمأي يدي،
وحجارةُ الأطفال تفتح اسمها
قمراً على تعبي
وتعلن عن رهاني.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى