مقالات

مذكرات عربي في إيطاليا 

بقلم – دكتور صالح الشحري:

تقدم هذه المذكرات صورة مختلفة لإنسان حريص علي إبراز هويته الاسلاميه و جذب الناس لمعتقده بشكل مختلف، المحاميد طبيب نفسي، شاعر يكتب شعره بالايطالية و يبدو لي من الحديث عن مؤلفه شظايا الروح ان هذه ربما مقطوعة شعرية ملحميه يسميها احيانا سربيه، و هي تقدم ضمن معزوفة موسيقيه، شكل المحاميد مختلف عن الدعاة الاسلاميين في الغرب.

اذ ان اولاءك يقفون علي حافة المجتمع الغربي، لكن مؤلفنا يعيش كل تفاصيل المجتمع الغربي باستثناء ما لا يبيحه دينه، كونه شاعر و ناقد فني و طبيب نفسي يتيح له ان يتحدث عن اصدقاء و صديقات من الشعراء و الروائيين و الفنانين من الجنسين، و هو يقدم لهم ما لا يعرفونه عن الظلم الذي تتعرض له فلسطين ، لا علي شكل قضية حق و باطل و لكن علي شكل اختلال اخلاقي و قيمي يجعلها مرضا للغرب يجب ان يتعالج منه، و هو اذ يقدم دينه ببساطة للغرب، يقول للمتسائلين : جربوا ان تصوموا يوما ثم تعالوا نتحدث عن الصيام ، و هكذا يحتل و إسلامه مكانا محترما في عقول أصحابه من المفكرين والمفكرات و يجامله حتي البابا في الفاتيكان.

و تعجب كثيرا كقارئي من قدرته علي تجاوز المتناقضات و العوائق و تفهم وجهات نظر الاخرين، ولعل في تعريفه لنفسه ما يفسر، فهو فلسطيني يعيش في دولة تُعرف باسرائيل، عربي يعيش في إيطاليا، مسلم يعيش في ارض الفاتيكان، مذكراته تبرز عن عرب اسرائيل ما يصعب علينا فهمه، فهو و ابوه شيوعيان سياسيا، ملتزمان اسلاميا يريان في الزكاة اعظم برنامج اجتماعي يمكن للإنسان ان يحظي به، والابن يقول لامه.

وهي التي تعلم انه يعيش برفقة شعراء إيطاليا وشاعراتها -حين تعرض عليه ان يتزوج منهن فيجيب انه لا يتخيل نفسه متزوجا الا من محجبة، لا اعلم ان كانت قدرات هذه الشخص التعايشية مع الاخرين قابلة للتكرار ممن لا يتمتع بمثل مؤهلاته الثقافية، لكنني اري انه ذو تجربة فريدة في الدعاية لدينه قد لا يتاح الا لمثله ان يوصلها بشكل إيجابي الي مجتمع النخبة في أوروبا.

وهو امر مهم خاصة و نحن نعلم ان معظم معتنقي الاسلام هم من الفئات المهمشة الباحثة عن ملجا وهي عادة ما تبقي بحاجة لمن يسندها لا ان تسند دينها بنفسها، كنت اتمني لو كتب الكاتب كتابه للعرب فالكتاب مترجم عن الإيطالية، مكتوب أصلا للطليان، و ربما لو كان مكتوبا للعرب أصلا لتخلص من مصاعب نقل بعض المفاهيم عبر الترجمة من لغة لآخري، و هو مظهر الضعف الوحيد في الكتاب الذي افقد سرديته انسيابيتها.

لكن التجربه التي يعرض لها المحاميد فريدة من نوعها، مدهشة و تستحق ان تستوقفنا لنجدد في اُسلوب تفكيرنا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى