الأخبار الثقافيةمقالات

العنف الأسري

بقلم- ندى سمير:

كثر في الأونة الأخيرة العنف داخل الأسرة وبين أفرادها، وتطور إلى جرائم جنائية، واتسعت رقعة العنف حتى وصلت إلى جميع انحاء العالم مما اثار الجدل وعلامات التعجب حول الأمر، وأصاب الجميع بالصدمة و الذعر .

ولتحليله علينا تقسيمه إلى عدة جوانب منها الدوافع و الأسباب، ولأن أغلب العوائل عانت بعد أزمة كورونا من ضيق الرزق والعمل ومطالب الحياة في تزايد، أثر هذا على الزوجة العاملة و الزوجة المربية وأثر على الزوج الذي شعر بالتقصير تجاه أسرته وانه عاجز على تلبية إحتياجاتهم كونه فقد عمله و مصدر دخله، وكذلك الأطفال الذين واجهوا صعوبات في التأقلم على أسلوب التعليم الجديد و الاحترازات الإلزامية، فأحدث هذا توتر وقلق كبير في المنزل وأزاد الضغوط النفسية والعصبية.

ما من مبررات للعنف ولكن هنالك خلافات قد تخلق كره وتؤدي إلى العنف.

مثل: فقدان السيطرة على الإنفعالات:

الطباع السيئة دائما ما تشكل خلافات كثيرة وترهق باقي الأفراد في تحملها خاصة إن كانت زائدة عن الحد و الشخص يفقد القدرة على التحكم بها، وتعاني حينها جميع الأطراف من العمل على تمالك النفس او التقبل والثبات او السيطرة على إنفعالاته الذاتية.

الحل الممكن:

١- محاولة تمالك النفس وتهدئة الذات بشتى الطرق منعًا لتضخم الأمر وتعظيم المشكلة ومن ثم معاودة التفكير في وقت لاحق.

٢- إنهاء النقاشات الحادة والإصتدامات في الحديث وعدم قلب الموازين و الشعور بالتقصير والإهمال من كل الأطراف فعليهم التقين انهم يبحثون جميعًا عن حل، وعليهم الا يعاتب احدهم الآخر او توجيه اتهامات له انما تقديم اقتراحات و حلول قد تفيد.

٣- عندما يكون أحد الأفراد في حالة عصبية عليه بعزل نفسه لبعض الوقت و ممارسة التنفس العميق و ترفيه الذات و تصفية الذهن عن اي حوادث تشتته لمدة قصيرة فحسب، يغير فيها مزاجه ويحسنه كما انه يعينه على التفكير بشكل صائب.

عدم تقدير إختلاف الأولويات:

لكل شخص في عائلة أولويات مختلفة عن الآخرين يراها الآخر انها تفاهات او كماليات، وهذه طريقة تعامل خاطئة فإن كل منهم لا يراعي متطلبات الآخر بقدر معقول وموزون والإلتزام بتوفيرها للآخر، لأن رضاء العائلة مهم وواجب وكونك لا ترى هذا شيء هام لا يعني انه غير مهم، فأنت تراه من وجهتك دون سماع وجهة الآخرين فتكوين أسرة مبني على العطاء المتبادل .

الحل الممكن:

١- إعادة ترتيب الأولويات حسب الوضع الحالي ومراجعتها.

٢- احترام أولويات الشخص الثاني و تقديرها و الإهتمام بها قدر المستطاع.

٣- تنظيم الطلبات و الحرص على تلبيتها تدريجيًا مع الوقت أو تاجيلها إلى حين.

٤- عدم رفض اي قرار او متطلب دون مناقشة الأسباب والتفاهم بشكل ودي ومنطقي.

المناقشات الحادة والشجارات:

نحن نفتقد للمناقشة البناءة وتفتقد الأسر للحوار الناجح، ويتم تحويل اي محاولة حل إلى شجار و غضب عارم يصيب الجميع، لنتطرق إلى نتائج سلبية مثل “العنف”.

في البداية ان كانت هنالك مشكلة عصيبة لنحاول توفيق وجهات النظر والتعاون في حلها والوصول إلى حلول وسطى، وتدخل الأشخاص العقلاء لمقاربة الآراء المطروحة، وان لم يصطلح الحال نعطي انذارات حمراء بمثابة انه النداء الأخير والمحطة النهائية لحل هذه العقدة، وان وجد احد الأطراف ان الحديث صعب وثقيل عليه وانه غير قادر على الإستمرار نلجئ إلى إيقاف النقاش بسلام، دون اشعال الحرائق و تصعيد الوضع و اخذه بشكل شخصي، و المهاجمة بالكلمات والأساليب الإستفزازية مما قد يتسبب في جريمة وكارثة عائلية و  تهور على الزوج او الزوجة وحتى الأبناء.

١- الإنصات لحكم ذو الرشد والحكمة من العائلة.

٢- إقامة حوار منتظم وهادئ لأجل إيجاد توافق وحلول بدل من إقناع الآخر والتعصب للرأي او استخدام الأساليب العنيفة.

٣- الإستماع للإقتراحات والآراء وضعها في الحسبان وعدم تجاهل اي منها او الإستهزاء بها.

مدى التوافق والتفهم بين العائلة:

كلما زاد التوافق و القدرة على التفهم بين الافراد كلما كانت الحياة الأسرية ناجحة، من المهم وجود المقدرة على التواصل الجيد وتوصيل الرأي بطريقة حسنة وتفهم أفعال الطرف الثاني بعقلانية ورزانة كي تنشئ لغة تفاهم وتعاون مشتركة تعينهم في  تخطي العواقب واجتياز المصاعب المستقبلية.

الحل الممكن:

١- ليحاول كل فرد في العائلة فهم عقلية الآخر او تقدير موقفه وتفهم افعاله وأسبابه.

٢- إيجاد نقاط مشتركة أو أفكار  مترابطة لكل منهم كي تتكون بينهم علاقة فكرية ممتازة وناجحة إلى حد ما.

٣- مشاركة الأسرار والمشاعر والأحداث اليومية بشكل متبادل ذلك يزيد من مدى استيعابه للشخص ويوتد العلاقة الأسرية.

الإضطرابات النفسية:

يكون لدى بعض الأشخاص خلل نفسي واضطراب، واحيانا ميل للعنف وهذا يؤثر على سلوكيات الفرد مع اسرته وطريقة تعامله معهم مما يشكل خطر على العائلة ويهدد اطمئنانهم.

الحل الممكن:

١- اللجوء إلى طبيب نفسي وطلب حلول مساعدة.

٢- احتواء الشخص المصاب ودعمه معنويا هام جدا محاولة إقناعه في الذهاب إلى معالج نفسي.

٣- عدم السخرية منه او إيصال شعور له انه غير طبيعي او قد جُن، لأن هذا غير صحيح هو فقط يحتاج لتفريغ شحنته السلبية وتعديل افكاره الخاطئة و معالجة تشوشه واضطرابه.

تطفل الآخرين :

إن تدخل اي شخص في خصوصيات المنزل وأسراره ويزرع الغضب ويعظم الأمور او يتحكم في قرارات الأسرة يكون مذنب ويمكن ان يهدم منزل بسبب حديثه الإسنفزازي و تطفله على حياة الآخرين.

الحل الممكن:

١- إمعان التفكير في حديث الأخرين.

٢- التروي في الأخذ بالنصائح والمشورة من قبل الناس.

العنف تجاه الأبناء:

في أصول التربية العنف مرفوض تمامًا، لكن التأديب والتهذيب دون شدة و ألم يعتبر ممكن في بعض الأحيان وبعض المواقف.

ومن أساليب التربية دون عنف:

١- فرض العقوبات و المنع من المفضلات.

٢- التحذير بنبرة حادة من ارتكاب الأفعال الخاطئة.

٣- الإلزام بالواجبات والإرغام بنظام المنزل بشكل صارم وحازم.

٤- الضرب غير المبرح يكون مباح في الحالات عويصة التعامل معها.

إن الأسرة مجتمع مصغر ولصلاحها على الأب والأم إدراك المسؤولية المكلفين بها، وإستيعاب ان تكوين عائلة ميثاق غليظ لا تهاون به، وعليهما بذل اقصى مجهود لتوفير بيئة هنيئة يكبر بها الأبناء، فالأطفال عندما يصبحون اباء وامهات سيتصرفون كما تربوا عليه وكما شاهدوا، ومن المهم الوعي والاهتمام بتهذيب النفس وبناء عالم طيب وحسن لهم، وفي أوقات حدوث انفصال على كل من الأمهات والآباء مراعاة ان المسؤولية لم تنتهي ولازال عليك تحملها و الحفاظ على السلام بها.

خلاصة القول، الأسرة عامل مشترك مبني على العطاء والتعاون والدعم، لا يقوده العنف ولا يحله الإستهتار انها عملية توازن بينهم، هي حمل ثقيل ولكنها أيضا سعادة تعطيك اشخاص يحبونك ولكنها تكلفك أيضا بتحمل مسؤوليتهم وتوصيك بالجدية، فلا هي بهزل وسهولة مبنية على التسلية وليست بنزهة وكذلك ليست جحيم انها في الوسط، تقام على الود والتقدير و تنجح بالتفهم وحسن التصرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى