غير مصنف

من هو “جمال حمدان” شخصية العام لمعرض القاهرة الدولي للكتاب؟

أسرار وتاريخ حافل من الإنجازات والعطاء لصاحب عبقرية المكان

استقرت اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المقبلة الـ51، والتي من المقرر أن تقام في 22 يناير 2020، على أن يكون جمال حمدان، أحد أعلام الجغرافيا، شخصية المعرض.

مولده ونشأته

ولد جمال حمدان، في قرية “ناي” بمحافظة القليوبية، في 4 فبراير 1928، كان والده أزهريا يعمل مدرّسًا للغة العربية في مدرسة شبرا التي التحق بها ولده جمال، وحصل منها على الشهادة الابتدائية، وقد اهتم الأب بتحفيظ أبنائه السبعة القرآن الكريم، وتجويده وتلاوته على يديه؛ مما كان له أثر بالغ على شخصية جمال حمدان، وعلى امتلاكه نواصي اللغة العربية؛ مما غلّب على كتاباته الأسلوب الأدبي المبدع.

ظل “حمدان” طالباً متفوقاً طول رحلة التعليمية حتى التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وتخرج منها وتم تعيينه معيداً بها، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا عام 1949م، حصل خلالها على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا من “جامعة ريدنج” عام 1372 هـ ـ 1953، وكان موضوع رسالته: “سكان وسط الدلتا قديما وحديثا”، ولم تترجم رسالته تلك حتى وفاته.

جمال حمدان المؤثر في الحركة الثقافية

جمال حمدان شخصية عرض الكتاب

يملك أسلوب متميز داخل حركة الثقافة العربية المعاصرة في الفكر الإستراتيجي، يقوم على منهج شامل معلوماتي وتجريبي وتاريخي من ناحية، وعلى مدى مكتشفات علوم: “الجغرافيا والتاريخ والسكان والاقتصاد والسياسة والبيئة والتخطيط والاجتماع السكاني والثقافي بشكل خاص من ناحية أخرى”.

ولا يرى جمال حمدان في علم الجغرافيا ذلك العلم الوضعي الذي يقف على حدود الموقع والتضاريس، وإنما هو علم يمزج بين تلك العلوم المختلفة؛ حيث وصفها خلال تقديمه لكتاب “شخصية مصر – في الاتجاه السائد بين المدارس المعاصرة”، أنها هي “التباين الأرضي”، أي التعرف على الاختلافات الرئيسية بين أجزاء الأرض على مختلف المستويات؛ فمن الطبيعي أن تكون قمة الجغرافيا هي التعرف على “شخصيات الأقاليم”، والشخصية الإقليمية شيء أكبر من مجرد المحصلة الرياضية لخصائص وتوزيعات الإقليم، إنها تتساءل أساسا عما يعطي منطقة تفرّدها وتميزها بين سائر المناطق، كما تريد أن تنفذ إلى روح المكان لتستشف عبقريته الذاتية التي تحدد شخصيته الكامنة.. ولئن بدا أن هذا يجعل للجغرافيا نهجا فلسفيا متنافرا يتأرجح بين علم وفن وفلسفة.

وكانت رؤية جمال حمدان للعلاقة بين الإنسان والطبيعة في المكان والزمان متوازنة، فلا ينحاز إلى طرف على حساب الآخر، ويظهر ذلك واضحا في كتابه المشار إليه آنفا، والذي تبرز فيه نظرته الجغرافية المتوازنة للعلاقة بين الإنسان المصري والطبيعة بصفة عامة والنيل بصفة خاصة، وكيف أفضت هذه العلاقة إلى صياغة الحضارة المصرية على الوجهين: المادي والروحي.

أول من تنبأ بتفكيك الاتحاد السوفيتى

جمال حمدان صاحب القدرة الثاقبة على استشراف المستقبل، وأول من تنبأ إلى تفكيك الاتحاد السوفيتى وأشار إلى أن “التطرف الدينى” سيكون معضلة عالمنا الحالى، يعد صاحب كتاب “شخصية مصر”، واحدًا من قلة محدودة للغاية من المثقفين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين.

انجازات جمال حمدان

كان لعبقريته ونظرته العميقة الثاقبة فضل السبق لكثير من التحليلات والآراء التي استُغربت وقت إفصاحه عنها، وأكدتها الأيام بعد ذلك؛ حيث أدرك بنظرة الثاقب أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة عام 1968، ويتحقق تنبؤه بعد 21 عام، حيث حدث الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م.

وأصدر جمال حمدان كتابه “اليهود أنثروبولوجيًا” والذي أثبت فيه أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية “الخزر التترية” التي قامت بين “بحر قزوين” و”البحر الأسود”، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي.. وهذا ما أكده بعد ذلك “آرثر بونيسلر” مؤلف كتاب “القبيلة الثالثة عشرة” الذي صدر عام 1976م.

وقد ترك جمال حمدان 29 كتابا و79 بحثا ومقالة، يأتي في مقدمتها كتاب “شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان”، وأصدر الصياغة الأولى له عام 1967م في نحو 300 صفحة من القطع الصغير، ثم تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة 10سنوات، حتى صدر مكتملا في أربعة مجلدات.

وعلى الرغم من إسهامات جمال حمدان الجغرافية، وتمكنه من أدواته؛ فإنه لم يهتم بالتنظير وتجسيد فكره وفلسفته التي يرتكز عليها.

جوائز جمال حمدان

حصل على جائزة الدول التشجيعية في العلوم الاجتماعية، جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1986م، وجائزة التقدم العلمي من الكويت 1992، وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه “شخصية مصر” 1988، ورحل عن عالمنا تاركاً تاريخ حافل من الانجازات عام 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى