إبداعاتالأخبار الثقافية

أصبحنا شيوخا

قصة – كمال عبدالعظيم واعر:

كنا منذ زمن قريب نلعب تحت ضوء القمر؛ ونجرى خلف الفراشات البيضاء ونتسابق حتى حافة النهر القريب من منازلنا الطينية، ثم نجلس تحت شجيرات التوت ونأكل من ثمرها الشهي ولا نشبع.

نقص الحكايات نغنى للحياة لا الممات، تكركر في قلوبنا الضحكات، نلتف في الشتاء حول النار، توقدها لنا في ليالي البرد رحيمات، ننام ملء جفوننا ونحلم بالجنيات ونشعر أن الحياة ملكنا وتسري في عروقنا نابضة قوية، كما كنا لا نخشى العجز أو الممات، وفى صباحنا الصبوح نقص ما شاهدنا في المنام من أعجب الحكايات ثم أفقت من نومي ذات يوم فوجدتني شيخا كبيرا ينظر في المرآة فيرى الشيب قد ملأ وجهه وغطى عيونه، شعر أبيض، أبحث خلف ظهري عن عمرى، عن طفل صغير كان بجواري يكركر كلما آفاق من نومه وينتفض يجرى ليبحث عن رفاقه حتى يذهبوا إلى آخر دنياهم ليحضروا ما تساقط تحت أشجار النخيل فلا أجده.

أحدق بعيني كثيرا لأرى طفلي الصغير يوقد النار تحت إناء الماء ليحصل على ماء دافئ يغسل به وجهه قبل الذهاب للمدرسة، أناديه فلا يجيبني، ويمسك حقيبته القماشية وينطلق وهو يردد: سألحق الرفاق.. ويقف في

طابور الصباح بكل نشاط يردد تحيا مصر، تحيا تحيا وبها نحيا..

ثم أحاول القيام بسرعة كما فعل فلا أستطيع فأتذكر إنني بالأمس كنت أتوكأ على عود النخيل أسند به عجز أقدامي، فأفعل وأسير ببطء حتى أغادر منزلي إلى الشارع لأرى رفيق صباي لم يعل وجهه ما علا وجهى من عجز فأسأله بسذاجة عما حدث لي ولا أرى أثرا له على وجهه.

فيضحك ويضحك ويقول: طالما أخبرتك وأنت لا تصدق.

_ أخبرتني ماذا؟

_ أخبرتك إنني ما زلت أقرأ الشعر وأحلم بالجنيات!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى