إبداعاتالأخبار الثقافية

الحناء في المرايا المحبوسة

بقلم – محمد هليل الرويلي:

في طقس عيد مختلف
كعيد هذا العام..
الفاصل يبدوا للجميع.. قاطعا
فغدا القريب مشيك.. مسيج
وغدا البعيد..مسيج.. مشيك

بذا يكون محرّمْ لأرواحنا
إن شَرّعت رغباتها ترجوا العناق
في ظِلّ هذه الجائحة
وإن جَرتْ دموعنا
على الجميع المصافحة
وعلى القريب والبعيد
تَحَسّسُ ذاكرة العيد
بين أصابعِ الأصدقاء
ولا عزاء في العزاء
كفوا الهراء
الفعلُ فعلُ الجائحة!

“عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ ياعيدُ
بِمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تَجْديدُ
أمَّا الأحِبّةُ فالبَيْدَاءُ دُونَهُمُ
فليتَ دُونكَ بِيدًا دُونَهَا بيدُ”

تُرى!
سَنرى مقل عيونكم تتبسّمُ
حين ترى ملابسنا الجديدة
ويسعدُ عيدُنا وهو يرتدي الأيدي؟

لابد أن يراكم.. نعم يراكم
وكيف يراكم؟
اليوم فقط، تأكدت أنه حقًا
كان يراكم بكل هذا التراكم
يا للشوق والبهجة التي
انتظركم بها ..

ها هو يشمُّ ندى أكُفّكم مثمولًا بعطره
ويضم أكمامكم كما لو أنه يلعقُ شهوة سُكره
يشهق مَحزُون: في يوم الفِطر يا قدر
ما كان قلبي يصطبر !

دعونا نصطفُّ جميعنا حوله
نُحَوِّل بقية ساعات
عيدنا لقوس.. قُزح ومَرح
رُغمًا عن جائحة كوروناهم

١-
تُلوح كفوف الصبايا بالحنّاء
كسنابل، أو أرج أحاطتها آكمات
مُورقة
نقشُ أياديهن خُمرة
لونه الناريّ يُشبه خريطة
كأنما أراد العيدُ العيش بها
حين تضيق به السُِّبل
أو كأنما يُشرعن على كُفُوفهن
قبلَ أن يبحث عن ملاذ فرح!

٢-
قبل أن يذرف خيبته
ويُلقي قيلولته وعيلوته
مطبقة في يومه المفطور
يوم يرانا لا نحفل بيوم فطره!

٣-
رُبّما لعلّه أراد أن يقول لنا:
إن جميع تلك الوشوم
المرسومة وسط كفوف
وأصابع الحسناوات
وثيقة فرح مُورقة
وارفة الأعياد
كغابة سورتها أجام صفصاف
أو أشجار الأرز أو عجائز أغصان
زيتون عتيقة
أحاطتها قلعة أثيرية
من الجهة الشمالية
تحكي قصة حضارة عريقة
إمضاء قلوب الصبايا
(الرسالة الأخيرة)
بين الشفاه اليابسة

٤-
“عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ ياعيدُ
بِمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تَجْديدُ
أمَّا الأحِبّةُ فالبَيْدَاءُ دُونَهُمُ
فليتَ دُونكَ بِيدًا دُونَهَا بيدُ”
شطر شهير يختصر أوجاع
حالاتنا المحطمة ..
فهل نُعلِّقُ من جديد
على مفارق شيب أبائنا وأمهاتنا
الرسائل المعذبة؟

“عيد بأي حال جئت يا عيد”
حتى وإن قُلنا لعشيقاتنا:
زغردن بالرغم أن هذا العيد
أغلق النّافذة
أرقصن إن مالت بنا
غنج الخصور على المجرة
ليعلم العيد هذا العيد
أنّنا لم نمل بيوم العيد
وقبل العيد وخامس هذا العيد
يشي بسرّه!

٥-
الرسالة قبل الأخيرة:
سنجعلها لمقاهينا العتيقة
لأرصفة طرقاتنا التي كُنا نمر عليها ..
سنكتب بشكل عاجل جدًا
لأصدقائنا الميتين وزملاء العمل
والعمدة وأصدقاء المرحلة الابتدائية
وحتى الذين كانوا معنا ونحن خلف أمهاتنا
سنكتب لهم رسائلنا

٦- الرسالة المنتهية!
سنكتب الرسائل لكل الناس إلا لكورونا ..!
سنترك صندوق بريدها فارغًا
لنحتفل ببعض ..
وأنصاف بعض ..
وأرباع بعض
وفي الأجزاء المتبقية
من أجزاء البعض

سندعها تحتفل
وحدها على أرصفتنا
مقاهينا التي أصبحتْ وحيدة
السنابل الذاوية على خُدود الصّبايا
تركتهن حبيسات وراءها
في سُجونِ المرايا

أوليست هي: من سرقت جوازات سفرنا
حقائبنا صالات مطاراتنا فنادقنا
المدن العربية والأوربية والشرق أسيوية
وجميع من هم غرب هذا الكون!
وما سيكون! وكل الكون: كورنته!!

لن نحفل بها
وقد احتلت عالمنا
وحلّت بأرجاء كوننا
ورجاء، رجاء دعونا:
نحتفل وحدنا ببعضنا
وأنصاف بعضنا
وأبعاض بعضنا

سأكتب ونكتب إلى أن يحتفل وطننا
العربي كل عالمنا العربي
فرحًا بعيده
لن نتركه يَمُر دُون قُبلة
على ثراه وسنقبّلُ رأسه
من المشرق للمغرب
رغمًا عن كورونا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى