إبداعات

نماذج حصرية للنهايات المفاجئة والمدهشة في الومضة القصصية لثمانية نصوص من القص القصير جدا(قصص الومضة) التي اختارها بعناية د/شريف عابدين

بقلم- سالمة المغربي:
كانت ضمن مجموعات مختلفة سبق كتابتها بها، وهذه الومضات كل منها يحمل اسم (الطابور) متوالية ومضية.
تمتاز القصة القصيرة جدا، الومضة القصصية، بالقصدية والرمزية المباشرة والغير مباشرة، وأيضا بالتلميح والتركيب الجملي الموجز الذي يمتاز بالحركة والتوتر والتفاعل في مشهد أصلي للقصة.
وهذا ما نجده في مجموعة الطوابير الثمانية هنا. وتمتاز خاتمة هذه الطوابير بعنصر لا يجيد استخدامه إلا الكتاب المهرة والأدباء الأذكياء.
١/ طابور الماء
جاوزت الصحراء عدوا كي ألحق بالطابور، لكنني أُستبعدت؛ لكوني أتصبب عرقا.
* في هذه الأقصوصة التي تعاني شخصيتها الأولى شظف العيش وخيبة الأمل في نهاية هذا الكد والتعب، والذي نجده في العدو بالصحراء، وقد نجح بطل القصة في اجتيازها؛ لكي يلحق بطابور الماء. ومعلوم أن الصحراء ليس بها ماء، وإن وجد فيكون ذلك بمشقة كبيرة. والجملة الأخيرة بها(أستبعدت لكوني أتصبب عرقا) لو انتهت الأقصوصة عند جملة( لكنني أستبعدت) هل ستكون بدرجة الجمال والدهشة التي استشعرناها ببقية الجملة (أتصبب عرقا)؟!
بعض القراء سيكتفي بالأولى، لكن الأديب هنا له رسالتان:
ا/ الوصول لنهاية مدهشة معبرة.
٢/ امتاع القارئ واحترام ذكاءه.
وبالفعل.. نجح.
ولا ننسى أن بها تضاد في النتيجة مثل” جاوزت؛ أستبعدت”.
وفعل وسبب مثل” جاوزت الصحراء؛ كي ألحق” و” أستبعدت؛ لكوني أتصبب عرقا”.
من المعلوم أن التضاد دوما يوضح المعنى ويقويه ويجذب لب القارئ ويجعله مشاركا في الأحداث والتوقعات شأنه كشأن الأفعال المضارعة.
وأن السببية _من فعل ورد الفعل_ من جماليات الكتابة التي تحفز القارئ على الاستمرار بالقراءة متعاطفا مع الشخصية بالقصة.
الدهشة بالقصة مقصودة، فالعرق حجة لمانح الماء لكي يميت هذا الرجل عطشا. واتخذ من تصبب العرق سببًا، لأنه دليل على أن مازال بالجسد ماء!
إنه لم يهتم بالمعاناة التي لقيها ليصل إلى دوره(العطش/ الصحراء/ الركض/ الجهد) بل ختمها باستبعاده ليموت عطشا.
أعتقدُ أن عرقه كان آخر رباط الروح بهذا الجسد.
الرمزية قوية بالقصة وأخواتها أيضا.
الصحراء (مناحي الحياة).
العدو ( المثابرة والجهد).
الطابور ( الهدف المنشود).
الماء ( حق الحياة والعيش).
الغرض كان الحصول على الماء، وكذلك سبب الاستبعاد كان الماء.
لا يستحق الماء؛ ما دام بجسده ماء. أستبعد لكوني أتصبب عرقا.
٢/طابور الأمن
منكمشا، مرتعدا، أتضاءل، كدت أفضى دهسًا، استخرجني بعصاه الممتدة من بين الأقدام.
يا هذا.. لم أنت هنا؟! ابحث لك عن جحر.
* الأمن، هو مبتغى الكائنات كلها على هذه الأرض، ومنها بالطبع.. الإنسان.
الانكماش نتيجة أكثر مما هو فعل، نتيجة الظلم والقمع لمن يطالب بحقه.
مرتعدا، هي حركات ورعشات تصيبه نتيجة الخوف. وهو عكس العنوان تماما(الأمن).
يبحث المواطن عن الأمن؛ يجد أمامه طابور طويل. ينكمش ويتضاءل لِمَ؟!
من طول مدة الوقوف بالطابور الذي أفقده الأمل في الوصول إلى دوره، ونيل مأربه. وربما نتيجة الخوف.
وإن كان هذا تعبيرا مصورا للمعاناة؛ نجد الأصعب منه في جمل السرد، بأنه كاد أن يموت دهسا تحت الأقدام؛ فقد الأمل كلية.
جملة( بعصاه الممتدة) دالة على أن المنقذ له ذو سطوة، والعصا كما نعلم أنها للضرب أكثر من الاتكاء عليها. يحتقره بجذبه بالعصا(الجزرة والعصا)أيضا. والأدهى كان قوله له مستفهما مستنكرا:
“يا هذا، لم أنت هنا؟!”
الاستنكار في النداء، والاستهزاء بالسؤال، والأمر والزجر بالبحث عن جحر :
“ابحث لك عن جحر”.
عندما يتحول الآدمي والمواطن_ في نظر المسئول عنه_ إلى جرذ أو حشرة ويفتقد الأمن بوطنه ومن المقدر له أن يموت دهسا؛ يجد من يهينه بزيادة ويسكنه جحر الفئران، بيت الجبناء والعالة.
التضاؤل ليس حجما بقدر ما هو قيمة. الانكماش للمواطن هنا عكس التمدد للعصا.
من الأولى بالتمدد في الوطن؟!
الأقدام، دالة على تفاوت فئات المجتمع، منهم من يستطيع ويثابر، ومنهم المنكمش والمرتعد كصاحبنا.
جملة( ابحث لك عن جحر) ليست من باب الشفقة، بل الاستعباد الدائم. وليس هذا فقط، فإنه لا يوفر له حتى الجحر؛ فعليه أن يستمر سعيا وبحثا للحصول عليه. إنها قمة المهانة والتخلي.
يذكرنا ذلك بحال بلاد منها عربية وشقيقة تنال الذل والطرد من قبل حكامها.
لم يتوقع القارئ النهاية المفاجئة، خاصة بعد أن استخرجه بالعصا، بل توقع أنه سينقذه من الموت دهسا؛ بعصاته الممتدة!
فكانت الخاتمة المدهشة أن يستنكر حقه في الأمن، بل أيضا بأمره بالبحث عن وطن آخر( جحر آخر).
٣/ طابور النمل
حين يعود مبتهجا بحصاد اليوم، يلمح الثري يراجع حانقا أرباحه؛ فيتجه إليه مواسيا بأحمال الفتات، يسارع الرجل بفتح باب خزينته مشجعا النمل:
تفضل، اعتبرها جحرك.
* هذه القصة من أجمل قصص المجموعة، فيها وصف المواطنين بالنمل( عددا وعملا وتضاؤلا).
وأيضا التضاد(مبتهجا، حانقا)، (مبتهجا و مواسيا)، ( حانقا و مشجعا).
وكلمات رمزية(النمل) وهو الشعب. و(الرجل والثري) هو السلطة. الفتات(العيش) والخزينة(بيت أو سجن).
الطعام مقابل البيت، كما يحدث بفلسطين الحبيبة وغيرها من الدول المستعمرة، وأيضا تلميحا لسياسة حكومات كثيرة.
الخزينة بالنسبة للثري هي مكان لحفظ كل ما هو ثمين وغالٍ. السؤال هنا:
هل الشعب حقا غال، أن بما يمتلكه هو فقير؟! أم واجب سجنه لكي لا يحصل على نصيبه رغم أنه فتات؟!
الثري الحانق ينظر إلى ما يمتلكه الشعب(النمل) الفقير؛ يضطر الفقير أن يقدم محصوله له هدية.
الفعل عكس المفروض!
جملة( اعتبرها جحرك) كالمثل القائل: البيت بيتك ما دمت ملأته بخيرك.
٣/طابور الدجاج
مكبلا في الطابور الممتد، تنخر ظهري الآلام كالمثقاب، تجاوزني خاطفا(الكوبون)؛ هالتني ضخامته، لم أقو على الاحتجاج، جلست على الرصيف أرقب متهالكا. ظل يزاحم من أمامه حتى بلغ المنفذ، ثم أقبل نحوي؛ سلمني حصتي ومضى. ابتهجت مندهشا حين نهضت ويدي ترتعش؛ هتفت الدجاجة في استنكار:
لكنه ليس دورك!
وفرت من يدي.
* طابور الدجاج، من صفات الدجاج النفع(لحمًا وبيضًا) والدجاجة رمز الأنثى في كثير من الأمثال وكذلك في تفسير الأحلام. ويضرب بها المثل في الجبن(مثل الدجاجة) وهي نظير النعامة ولكنها اكثر حماقة.
كلمة (مكبلا) مقيدا، من الذي كبله؟
الهموم أم الاقتصاد أم العوز والعجز؟
بالقصة شخصيتان:
المواطن_ الرجل المكبل_ و المعين_ الذي ساعده على نيل حصته.
الرجل الذي ساعده كان من أهم صفاته أنه(ضخم) وهذا رمز لكل قادر ومسؤول بيده أن يصلك للحصول على حقك أو منعه في موقف أخر .
كلمات دالة على المعاناة( مكبلا، تنخر، مثقاب، تجاوزني، خاطفا، هالتني،لم أقو، متهالكا، يزاحم، ترتعش، استنكار، فرت).
رد الفعل للبطل بالقصة حين رآه ضخما(هالتني ضخامته) أنه لم يقو على الاحتجاج. دوما للضخامة دور.
رد فعل ثان(جلست على الرصيف أرقب متهالكا). شخص سلبي.
رد فعل ثالث (ابتهجت مندهشا).
وأخير (حين نهضت) يعني النهوض وهو الفعل الوحيد الذي قام به.
ردود الفعل هنا ما بين عجز عن الاحتجاج وبين الجلوس مكتوف الأيدي وبين الابتهاج والنهوض؛ كانت كلها ليست لصالح البطل. وكانت أفعال ماضية عديمة الحركة، وهذا من شأنه أن يميت النص لولا حكمة الكاتب بتطعيم قصته بالأفعال المضارعة سريعة الإيقاع.( تنخر، يزاحم، ترتعش).
هل الكاتب يقصد هنا بطابور الدجاج أنه طابور الشعب الجبان؟ أم طابور للحصول على الغذاء في جمعية تعاونية؟
هل يقصد ب(الكوبون) كوبون الانتخابات؟
كلما تعددت الرؤى فإنها لصالح النص وتميزه.
من الطبيعي أن يكبل المرء بهمومه وغيرها، أن يجلس مكتوفي الأيدي، وأن يخاف الضخم، إلا أننا نرى الدجاجة تتحدث عن الحق وغيره وتهرب من يد الرجل؛ فيها دهشة من تلك الأنسنة المدهشة للدجاجة.
النهاية المدهشة في كون الدجاجة تعترض مستنكرة على الرجل المكبل بقولها:
ولكنه ليس دورك!.
وهذه الصور تتكرر كثيرا وتنطبق على نظام الانتخابات.
والأشد دهشة؛ أن تفر الدجاجة من بين يديه.
أصبح للدجاجة رد فعل، وكان أقوى من رد فعل الرجل نفسه. عجبا.
الحصول على المبتغى لابد وأن يكون بجهد وتعب.
٥/ طابور الدفء
في صقيع الانتظار أرتجف حين نفخت في يدي، أزاحني متأملا؛ فكمنت مرتجفا. قبل ما افتح فاهي؛ زجرني مستبعدا:
لا حاجة لك لغطاء، بشرتك كجلد الأوز، سينمو لك ريش.
* الدفء مرادف الأمن والأمان. غاية الإنسان_ المواطن_ الأمن والأمان.
الانتظار شبهه الكاتب بأنه صقيع، وعلاجه كان النفخ في اليدين.
هل هذا علاج نافع أو يستمر طويلا؟ النفخ جهد واستنفاد طاقة.
كلمة(فاهي)، الفم أول وسائل التعبير، بدليل أننا إذا أغلقنا أعيننا؛ نستطيع التعبير ولو بالأنين، وهنا _الفو_ الفم للاعتراض، ورد الفعل(زجرني مستبعدا).
للحرية نتيجة ضدية(اسبعاد وإقصاء)!
المنع في (لا حاجة لك لغطاء)، والحجة الواهية كانت في جملتي (بشرتك كجلد الأوز، سينمو لك ريش).
الأوز طائر ولا يطير (داجن) أليف، يرضى بكل ما قُسم له.
الريش رمز الانطلاق والحرية، لكن هنا ريش لطائر بيتوتي لا يستطيع الطيران.
جلد الأوز دوما به _الزغب _ وهو أمل لنمو الريش الطويل، الحرية صعبة المنال لطائر داجن لا يطير.
كانت الدهشة في الجملة الأخيرة؛ سينمو لك ريش. هل سينتظر حتى كمال نموه؟! قمة الاستهزاء.
٦/ طابور الرعاة
صرخ المدرب في وجه الراقصة:
أنت تلقين محاضرة؟!
توجه مشوشا نحو القاعة، وجد اللاعبين يتبادلون رفع الأنخاب في صحة الرعاة؛ ركض محتجا نحو الملعب، اعتراضه طابور من رواد الملهى وقد اصطفوا تحية لرفع العلم؛ تريث مشدوها، ألقى بمعطفه، ثم اندمج في رقصة هادئة على إيقاع نشيد الوطن.
* بالقصة( طابور الرعاة) مدرب، راقصة، لاعبون، رعاة، رواد ملهى.
صراخ، رفع أنخاب، ركض، احتجاج، اعتراض، اصطفاف، تحية، اندماج، رقص موسيقى.
العلاقة بين الراقصة واللاعبين وبين الملهى وإيقاع موسيقى النشيد الوطني، علاقة أطراف المقص(×) طرفان وضلفتي المقبض.
ولا فرق بين راقصة وبين حماة الوطن، كلهم يرقصون على الرعاة(الناس).
الرعاة تحمل معنيين:
أولهما/ الشعب.
ثانيهما/ من يرعون العمليات الانتخابية.
النشيد موسيقى بملهى، الوطن واللاعبين.
النشيد للمواطن المخلص، والوطن للجميع.
الرمزية في القصة تقول بأن:
في النهاية المدهشة، نجد أن السياسيين والرؤى السياسية؛ ترأس_ ترقص ل _ الجميع. منذ متى وكانت موسيقى النشيد هادئة؟!
٧/ طابور الوطن
أخذ يزاحمني؛ اجتنبته، نهرني متعاليا:
أنا أحق بدورك.
حين فكرت في مواجهته؛ انهارت الأرض تحت قدمي.
* هذا العنوان أكثر صراحة عن غيره فيما سبق، الوطن هدف مباشر. من أجله يكون ( التزاحم، الاجتناب، الزجر، المواجهة، التضحية والثمن) كلها أفعال ضمتها القصة.
حين قال الكاتب(أخذ يزاحمني) جملة دالة على وجود شخصيتين، إحداهما تسيطر على الأخرى، أو بمعنى أصح تغتصب حقوقها.
قوله( أنا أحق بدورك) رغم أن بها الاعتراف لفظيا بحق الآخر؛ إلا أنه اغتصاب كامل. الشيء وضده.
المواجهة كانت مجرد فكرة، بلا تنفيذ!
الجملة( انهارت الأرض تحت قدمي).
هل يعد هذا رد فعل لأرض الوطن التي تنهار مع فكرة المواجهة التي لن تنفذ أبدا؟
أم حالة نفسية يشعر بها المواطن الذي تربى على الخنوع؟
أم التفسير المدهش والدهشة نفسها أن الأرض نفسها تعترض؟ ربما تعلمه درسا يمكنه به التعايش مع وطنه؟
كان من المفروض أن تكون أرضه(وطنه) صامدة، لكن هنا تدل على أنه يقف على أرض غير ثابتة(وطن)؛ تنهار به.
ربما لأنه تأخر في التفكير، أو فكر فقط ولم يجرؤ على التنفيذ؟!
من المؤسف أن نجد الوطن غير ما يجب أن يكون عليه؛ فينهار!
وهذا المعنى تضمنته الجملة المدهشة ( انهارت الأرض من تحت قدميّ).
٨/ طابور الخبز
يجمع أتاوة أو يقتسم حصة، أو يضرب محتجا، أسأله عن وضع الطرح من طابور يزداد أمامي؛ يستبعدني فورا، ألتمس التفسير؛ يؤنبني بعينين جاحظتين:
لست معدما. أظهر له جيبيّ الخاوييين؛ يرمقني بنظرة زائغة: تملك عقلا.
* قصة طابور الخبز وهي القصة الأجمل على الإطلاق هنا.
بها تتم عمليات حسابية، الجمع(يجمع أتاوة) والقسمة( يقتسم حصة) والضرب(أو يضرب محتجا) والطرح( الطرح من طابور)ثم علامة? النتيجة في(يرمقني بنظرة)، كلها عمليات عقلية فعلا. سلسلة رياضية. ولهذا كانت النهاية في جملة مدهشة(تمتلك عقلا).
العمليات أيضا ترمز لفئات الشعب، فيها الفاعل(سلطة) والمفعول به( المواطن). وحالاته وما يعانيه.
في جمع الإهانة هي قهر واغتصاب
اقتسام الحصص كذلك، وضرب المحتج.
الطرح هو المطلب الوحيد للمواطن، لكي يصل إلى المنفذ.
الاستبعاد، التأنيب، العيون الجاحظة(وسائل الترهيب).
الجيوب الخاوية رمز الفقر(اقتصاد).
الجملة المدهشة بالخاتمة(تمتلك عقلا)، وهو ما يناسب القيام بتلك العمليات، وهي دعوة له بأن يحتذي حذوه؛ ليكون مثله جابيا.
أو أن يفر بعقله قبل أن يلق نفس المصير.
فمن يمتلك العقل؛ ليس بمعدم.
** من هنا نقول أن القصص كلها تتحدث عن هموم الشعب والوطن.
في النهاية نقول بأن الجملة الأخيرة المدهشة في النص، لا تقل أهمية عن الجملة المبهرة الأولى التي ننادي بها بأن تكون بأي نص.
لكل مهمتهما( الجملة الأولى المدهشة والجملة الأخيرة المدهشة) إذا اجتمعتا أو افترقتا؛ هما وسيلتان لا يتقنهما إلا الأباء المحنكين ككاتب متوالية هذه الطوابير والتي جمعها من عدة مجموعات له سبق كتابتها.
أخيرا أشكر أديبنا وناقدنا الراقي د/ شريف عابدين، الذي أمتعنا بقصص رائعة السرد والمعنى.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى