الأخبار الثقافيةمقالات

خلاف و اختلاف !

بقلم – فوزي صادق:     

الخلاف تعني عدم الاتفاق والوفاق .. أي وجود عين لمشكلة ما، وإشكال بين طرفين، وهو سلبي منبوذ، أما الاختلاف تعني التـنوع والتعدد، أي وجود أكثر من رأي ، وبعد في وجهة النظر، وهو صحي وإيجابي محمود.

إلي من يقرأ رسالتي، ومن يستخدم عقله لا عاطفته .. فربما أختلف معك في مسألة ما! أو لا أتفق مع رايك وأشكل عليك، أو يوجد بعد وتباعد في وجهة النظر بيننا، لكن سيدي هذا لا يعني أني في خلاف شخصي معك .. فقد أختلف معك في مسألة رقم واحد وخمسة وتسعة، لكن تبقى باقي القضاياً نقاط التقاء بيننا .. فإذا وجدت لكلانا  كذا وجهة نظر بالساحة، فهذا طبيعي بتعدد طريقة وجود البشر أصلاً، في الموقع واللغة والدين واللون، وهو الأفضل ! حيث إن سخونة الاختلاف تؤول نحو ساحة تلاقح الأفكار، فتخلق الإثراء والتجدد والتعدد والحركة الدؤوبة، لتضمن استمرارية العطاء الفكري، ولو اتفقت كل العقول على رأي ما، لأصبحت على وتيرة واحدة ورتابة باردة، كبحيرة راكدة بلا سمك تحرك مياهها وتثري فيها الحياة.

أما إن كنت تضمر خلافاً نحوي في قلبك حيث لا علم لدي، ولا إفصاح من جانبك يريح قلبك ويضعني في المواجهة الصريحة، ومع مرور الوقت زادت الفوهة وأتسع الشق ، وأدى هذا إلي تربعي قمة أعداءك ، فهذا إجحاف في حق إنسانيتي، لكونك صاحب عـقل ! ولم تنصفني به ، لكن أرجوك! لنحوله إلي اختلاف وللنسي الخلاف، لان في دوحة الاختلاف يظهر كلاً منا ما في جعبته وما هو رأيه.

أنسيت إن في الاختلاف رحمة وعطاء وتغيير وكسر للروتين، ألا تعلم إن شبق الجمال الحقيقي يُستلـذ بوجود الاختلاف، وإن اختلاف الألوان في قوس قزح يزيد نوافذ عيوننا بهجة وأنس، واختلاف أصابع أيدينا تزيدها مزايا ووظائف، واختلاف أذواقنا ونكهات طعامنا تزيد من مساحة التنافس والعطاء الإبداعي، وإن تعدد مشارب عقـول البشر تزيدها علماً وفقهاً وثقافة.

عزيزي يامن تختلف مع أطروحتي، اعتبرني أنا الشمس وأنت القمر، أنا أشع حرارة ولوناً أصفر محمر، وأنت تعكس الضوء الأبيض الجميل البارد، وأنا أضئ  لكل داب في الأرض طريق حياته نهاراً، وأعطيه الدفء والأمل، وأنت تضفي عليه التأمل والهدوء والسكينة والراحة ليلاً .. هنا سيدي يقع اختلاف كبير في عطاءنا وتنوع في نتاجنا ، لكن هذا لا يمنع أن نبقى متلازمين ومتحابين في مجرة واحدة، وفي مجموعة واحدة ضمن الأسرة التي تصنع المجتمع المتكامل الذي تسوده الألفة.

أنا لا أنكر إنك لا تؤمن بالفكرة رقم سبعة أو أحدى عشر أو أي رقم من أفكاري ونحلي وميولي، و ربما أنا أضمر نفس الشعور نحوك، كاختلاف مذاهبنا، واختلاف لهجاتنا، واختلاف لون بشرتنا، وكثير من الاختلافات التي نراها هنا وهناك، لكن ما ذكرت لا يحيل ليستحيل أن أكون جارك بالعمارة، أو بالفيلا، وأن يفـصل بيننا جدار واحد يردد صدى قلوبنا، وأن نفترش تراب واحد وتغطينا سماء واحدة، ويلعب أولادنا معاً بالشارع والمدرسة، ويهب علينا نسيم الهواء العليل ليلاً، ويقف العصفور فوق جدارك ليطرب أذني نهاراً .. لما لا يحدث كل هذا ! فأنا إنسان مثلك وشريك معك في هذه الأرض والوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى