إبداعاتالأخبار الثقافية

عبداللطيف مبارك بيجرب تانى يموت

دراسة نقدية بقلم- بهاء الدين حسن:

إذا إعتبرنـــا أن مقدمـــة الكتاب تعد بمثابـة رسم خريطة للقارىء لما يحتويه الكتاب ، فهل من الضرورى أن يكتب الشاعر مقدمة لديوانه ؟!

فالمقدمــات دائما ماتكون من غير صاحب العمــل مثـل الدراسات النقدية التى تصاحب العمل الإبداعى ، لكن فى حالة مقدمة ديوان ” بتجرب تانى تموت ” التى كتبها الشاعر عبداللطيف مبــارك بنفسه لديوانــه الصــادر مؤخـــرا عن الهيئة العامة لقصــور الثقافـــة ضمن النشر الإقليمى عن إقليـم الجنـوب فرع ثقافــة البحر الأحمر 2015 ، فأغلب الظن هـو خروج من القالب الشعرى إلى القـالب النثرى المتحـرر من قيــود القصيـدة ، فالقصيـدة بعكس النثر لاتحتمل الشرح والتوضيح !!

وربما هــذا ماجعــل الشاعر يكتب مقدمــة لديوانـه يشرح فيها مالم تمنحه له القصيدة من فرصة للشرح !!

يقـول الشاعر فى تقديمه للديـوان ….

” لم يكن بإقتــدار الكلمـة فى وقتها ( يقصد وقت الثـورة ) ان تشكـل ساحـــة أخــرى للبـوح ، أو تجتنى من سمائها اللــؤلؤة المزركشة كى تهديها للفقراء واليتامى والمغيبين على شريطة الموت الآجل ” !!

يميـل الشاعر فى كتابـــة قصائــده إلى قصيـــدة الومضــة ، حتى أن قصائــده الطويلـة يجزئها إلى مقاطع ، الأمـر الذى يجعلة ـ أحيانا ـ يظلم القصيدة مثلما فعل مع قصيــدة ” طالع ويا نزيف الهم ” …

حاطه يابطه

ياطاسة الخضه

حادى يابادى

وضايعه بلادى

ف كيف وكم !!

فهـذا مقطع من عــدة مقاطع تحويها القصيــدة كان يمكن للشاعــر أن يجعلها قصيدة لو أنه عمل عليها كحالة مستقلة ، فكل مقطع من مقاطع القصيدة يعد قصيـــدة وحالــة بذاتها ، لكن لعنـــة القصيــدة الومضــه المفتون بها الشاعر بالتأكيد أصابت بعض القصائد مما جعل الشاعر يتعامل معها بطريقة الإختزال الظالم للقصيدة أحيانا !!

وكذلك الحال فى قصيدة ” ضحكة حزين ” المكونه من خمسين مقطعا …….

” فين ملامحك

رجعيها لقلب لامحك

فى عيون ولاد ….

لسة البراءة فى ضيهم

وف دم ساكن ف الميدان

لساه ف رمحك

فين ملامحك ” ؟!

إفتتــان الشاعــر بالقصيــدة الومضـة يجعلــه أحيانـا يقوم بحشر ومضات فى غير موضعها مثــل الومضــة رقم 35 من القصيـــدة ذاتها المعنــونـه بـ … ” ضحكة حزين ” ….

” إزاى وهما من عصب

سابوها تانى تغتصب ” ؟!

فالذى يقرأ الومضات التاليه من نفس القصيدة ….

” عارف ليكى

عندى ألف حاجه تكملك ” !!

……

” إزاى هاتوصفلى المشاعر

وهى أبعد مايكون ” ؟!

يشعر بنشاذ فى وجـــود الومضـة المرقمة بـ 35 بين المومضات الأخريات !!

يــوزع الشاعر الهم العربى العــام والهم المصرى الخاص على قصائد ديوانه ففى قصيــدة ” ملح عرقك فوق لسانى دوا ” والتى يرجع تاريخ كتابتها إلى 9 / 3 / 2007 يقول …..

” وأعشقك فوق نهر دجلة

حلم بيساوى السحابة

لجلن مايمطرها تاريخ

تحيى ف عضام الصحابه

ياصحابه

حلمى جوه القدس لساه يرتمى ” !!

وفى قصيدة بعنوان ” ألوف حناجر صدها سقف البيوت ” يقول ….

” حبلك السرى مابينك والوطن

عارفك بتغلب دمعتك

تشق صدرك للمدن

لجلن ماتدخلها حياة

خاليه م الضلمه الكئيبه الملصقه

على جدران هدها شبح السكوت

دى ألوف حناجر صدها

سقف البيوت ” !!

نعــود إلى المقدمـة التى صــدر بها الشـاعر ديوانه ونقرأ … ” مقدر علىّ ان أعيش وأرى المدينـــه هى أول من بارك صهد خطــوة تجمــح للتحرر ، تقسم بالمجد الآفــل فى عيون أبنائها …. كنوز الرحيق المنسدل … على وطن جديد يكتبها ( السويس ) !!

ينتمى الشــاعر عبداللطيف مبــارك إلى مدينــة الســويس ، وهــو يكتب شعر الفصحى والعاميـــة ، بالإضافة إلى الشعر الغنـائى ، صدر له ديوان ” قراية تانيه للجسد ” عن الهيئــة العامـة لقصور الثقافة عام 2001 وديوان ” نوبة عطش ” عن المجلس الأعلى للثقافــة سلسلة الكتاب الأول عام 2007 ويأتى ديوانـــه الأخير ” بتجرب تانى تموت ” ليتوج مسيرته الشعريـة والتى بدأها فى الثمانينات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى