الثوب
بقلم- دكتور صالح الشحري:
في كل روايات طالب الرفاعي التي قرأتها يكون الرفاعي باسمه و رسمه متواجدا فيها لا راوية فقط و لكن أحد الأبطال، ميزة طالب الرفاعي انه يحسسك أنه لا يتخيل أحداث رواية وإنما يسجل ما يجري تحت الثوب الخارجي للمجتمع فتجد واقعنا أكثر ثراء من خيالنا بأحداثه الروائية.
الثوب قصة مجتمع دخلت الرأسمالية لا الي إقتصاده فقط بل إلي حياته الإجتماعيه ،حولت المجتمع إلي طبقات و تحولت الطبقات بالوقت إلي قبائل جديدة، فإذا كان نسب الطبقة العليا إقتصاديا في الأصل فقط أصبحت قبيلة ترفض الصاعدين اليها من الطبقات الدنيا حتى و إن تأهلوا للصعود إليها بنجاحاتهم الإقتصادية وثرائهم.
المحدث، وهكذا كل طبقة تنسج حولها ما تعده أسرارها المقدسة التي تريد أن تحميها بعيدا عن عيون و روايات باقي المجتمع، إنه مجتمع يخترع لنفسه قيما جديدة و يغرق نفسه في مشاكل جديدة،لكنه يريد أن تبقى صورته الخارجية -رغم أنها صورة مخادعة.
هى الصورة المرجعية له مهما أخفت تحتها من انهيارات إنسانية تتجلى هنا في كثرة الطلاق و تجمد العلاقات الإنسانية،و تحول الروابط بين البشر إلي روابط مادية تلغي الصورة السابقة لمجتمعاتنا التي تحفل بالخير و بالتواصل الإنساني، و رغم كل وسائل الرفاهية و الراحة و توافر منتجات الحضارة الحديثة إلا أنها بدلا من زيادة تماسك المجتمع قطعته الي طبقات و أقامت بين تجمعاته حواجز تشكل حدودا جديدة لا تقبل سمات الإنتقال السلس بينها.
و ككل رواياته فإن المثقف طالب الرفاعي يبقي أقرب إلى العجز ،ويبقى من في مقاعد المتفرجين لا في كابينة القيادة، بل تزيد مع الزمن هوامشه على حساب فعله.
يبقى من روايات طالب سلاسة عرضها و سهولتها،و انسيابية أحداثها في غير افتعال و تعاطفنا مع الخاسر الأكبر فيها، أي مع الرفاعي، و عجزه عن الفعل و الصداع الدائم الذي ينتابه، و قرحة المعدة التي تنغص عليه صحته، و هموم إبنته فرح المتغربة في أمريكا و التي تحن إلى أبيها و كويتها.
و كلما زاد اطلاعك على روايات طالب كلما شعوب بالرثاء لعجزه و بالتعاطف مع ضعفه و قلة حيلته، جمال الرواية أنها لخصت العجز في أن طالب أضاف في يوم ميلاده شخصية أخري إلي حياته و إلي أوراقه،في إشارة تقول إن مجتمعنا حافل بمثل هذه المشكلات التي ينكرها و لا يعترف بها،رغم انها تنخر في كيانه و تنخر في بنيانه، رواية جميلة ،نظيفة خلابة أنصح بها الجميع