إبداعات
يرسمني الشجر
شعر:نبيلة حماني-
فاس–المغرب
*****
يرسمني الشجر أمي
بلقيس أخرى
في أزمنة الحروب ..
طفلة فرح ساذجة
أعياها انتظار على حواف الجرح
أعياها سراب ووهم..
يرسمني الشجر كما عمقه
كما جذعه
بلون التراب ..
يرسمني أسطورة راهبة
لم يفقه نسكها المعبد والمحراب ..
الشجر أمي
لم يستسغ دبدبات صوتي
الآتية بالصهيل
لم ينصفها
لم يمنحها قصده
تغاضى عما بعمقه وعمقها من أسرار
عما تحفظه الليالي
قلائد عامرةَ بالأسرار ..
الشجر آثر صخب الريح
زئيرها
رقصاً على مداراته يغريه بالإبحار..
الشجر أمي
ما أدرك أن بلقيس أميرة
تحفظ سرها المواسم والأشعار
تنجذب إليها زغردات الحنين
طوفان العطر إذ تمنحه الأنهار ..
تهبها من سرها المرايا
من عمقها البحار ..
الشجر منح ظله لليل
لم يعرف الشمس في عمقها
ولا الأقحوان بعينها ..
بلقيس تبسط وهمها
تنوء به
تتأمل خطوط الجرح
على محيا الأغصان
تئن تئن
تعدو لمراتع الصمت
تفتح بوابات من نار
تحرق عند المساء وهمها
برباطة جأش
فيصبح مع كل أنة
وجه حلم فتي
ينضح بالبشر ..
بلقيس عنقاء الأزمنة
من عوالم الفناء تأتي
من هدير الغضب بعمق البحار..
تحمل رمالها العطشى
تسكبها في فلوات الموت
تعود كما وهم
عشش في التاريخ المنسي ..
كما شبح مفزع
تنفر منه ساعة الشوق أنت ..
بلقيس
تعرفها الوديان والأدغال..
تعرفها المواكب من عهد عاد
آبَتْ بالخطأ إليك
بلقيس تستوطن السبل
تضيء كما نور في مشكاة
تمنح الهداية للتائهين
لا تستجدي لغة الصدى
لا ترهق السحاب في علاه ..
بلقيس لم يعرفها زمن الشتات
لم تنمٌ فراغا بعمق السنابل ..
لم ير البهاء على محياها شجر واجم ..
بلقيس خلعت وجهها الريح
بعثرت أطرافها العواصف
كانت صوتا بالأفاق يرجع صداه
يبيد الدجى
يغتال الصقيع ..
هي امرأة
تسابيح ضياء ..
تنبلج من عين الشمس
تبهر المدى لحظة الصحو ..
تسمو نورا من العلياء أطل ..
يبتهل إليها العشب المنتعل ماءه
الشامخ في اخضرار
كما نشوة فزعة
تداهمها أنفاس خريف نهم ..
بلقيس في المدى باقية
تنتظر على برزخها
قيامة تليق ..