الحريم رحلة حب
بقلم_ دكتور صالح الشحري:
قبل ان نبدأ بالتعليق علي الرواية يستحسن ان نعرف الكاتبة “اسلي سانكار” هي أمريكية تزوجت من تركي و أسلمت وبحكم ذلك وجدت نفسها في موقف المدافع عن خياريها: الاسلام و الأتراك.
وحيث أن كلاهما يثير في أوروبا نقدا يجمع بين النقد النزيه و التحامل غير المنطقي فإن الكاتبة أخذت علي عاتقها توضيح الصورة بأن رسمت في روايتها صورة رومانسية جدًا للمجتمع العثماني في بلاط السلطان وفي حياة الناس، و رسمت صورة جميلة للتصوف العثماني وما فيه من قبول للأقدار والتصالح معها، وما فيها من اعتماد علي الرؤي و الاستخارة في حياة الناس، و هذا شيء حققت فيه الكاتبة شكلًا لطيفًا من أشكال المعادل الروحي للإسراف في حياة المادة التي تغطي علينا و خاصة بنمطها الغربي.
أما الصورة الأكثر رومانسية و الأكثر تغافلا عن الواقع المر فهي حياة الجواري في البلاط العثماني، اذ جعلت منهن محظوظات حتي أن الذي اختطف الطفلة ليبيعها يهنئها عند خطفها (لا تخافي أيتها الصغيرة، فقد قامت الكثيرات مثلك بهذه الرحلة قبلك، وان شاء الله تكون حياتك أفضل مما قد حلمت به يوما).
و هكذا تسير الطفلة مطمئنة علي نحو ما يحدوها الامل حتي تتحقق نبوءتها في النهاية بزواجها من “ضياء” بعد فشل زواجها الأول من “داوود” وتتذكر هذا الوعد الذي تحقق، و هكذا ترسم الروائية رحلة بهيجة لهذه الجارية التي ترتقي في سلم الجواري كما يرتقي غيرها و تتعلم فنون الذوق الاجتماعي و تصبح هي وكل الجواري سيدات مجتمع راقيات اما يحظين بان يتزوجن من السلطان، أو يصبحن محظيات لديه، او يتطلعن للخروج الي المجتمع فيلقين فرصا في الزواج أفضل مما تلقاه بنات المجتمع العثماني.
فقد تربين في بيئة الملوك، وأعتقت بعد تسع سنوات خدمة وكل من تترك القصر بخيارها بعد هذه السنوات التسع توهب بيتا و مصروفا حتي نهاية حياتها، و تتمتع في بيت السلطان بما لم تكن تحلم بالتمتع به في بيت أبويها، لدرجة ان هذه الجارية لا تتذكر أمها ولا أباها ولا اي من أفراد عائلتها في بيتها في ارض الشراكسة، و كل ما تتذكره هو حصانها “نجم”، يا سلام!.
دافعت الكاتبة عن حياة الحريم دفاعًا مجيدًا، لكن أليس مثيرًا للرثاء انها أهدرت قيمة إسلامية كبري وهي تحريم استرقاق الأحرار؟.
وفي النهاية، نتساءل هل هذا الدفاع الساذج وان كان رومانسيا إلا دفاعًا عن العثمانيين علي حساب الاسلام؟.