عن المرأة
بقلم- دكتور صالح الشحري :
لنا ان لا نتفق مع الكثير مما طرحته الدكتورة نوال، و لك أن تشعر بالاستفزاز من عدمه أمام أراءها أو صورتها في الإعلام، لكنها ظلت قادرة على تفجير الكثير من الأسئلة التي نحتاج أن نجد لها جوابا حتي لا تفتك بعقولنا، وجل هذه الأسئلة يتعلق بالمرأة في مجتمعنا وتاريخنا، علما بان الدكتوره نوال لا ترى في صورة المرأة التي تحررت ظاهريا في المجتمعات الرأسمالية مثالا يُحتذى.
سؤال البحث الأول لماذا استسلم الجميع لمقولة أن المرأة بطبيعتها أدنى من الرجل، حتى أن أرسطو الفيلسوف اليوناني كان يعتبرها مع الحيوانات و العبيد في درجة أقل كثيراً من درجة النبلاء، كيف استسلم الباحثون لأكذوبة أن الحضارة اليونانية كانت ابنت الحضارة الأوروبية الشمالية بينما هي في الحقيقة أكثر انتماء للحضارة المصرية القديمة التي كان فيها ملوك وملكات و آلهة نساء (إيزيس) و آلهة ذكور (أوزوريس) و كلهم كانوا علي قدم المساواة في الاختصاصات و في الأفعال .
و كيف تجاوب القرآن الكريم مع ما لاحظته بعض النساء من توجيه الخطاب الإسلامي الديني الي الذكور فنزلت الآية الكريمة ( إن المسلمين و المسلمات و القانتين و الفاتنات ) ما يعني مسئولية الطرفين عن إقامة المجتمع اي قيادته وتوجيهه بينما ساد المجتمعات المسلمة أن شؤون المجتمع والقيادة إنما هي قصر على الرجال؟.
و كيف قبل رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بصدر رحب اعتراض عائشة (رضي الله عنها) على السماح له بتعدد الزوجات “ما ارى الا ان ربك يسارع في هواك”، بينما لا يعطي مجتمعنا للمرأة حق الاعتراض و الشوري و التفكير؟.
و كيف يصبح قتل البنات فيا يسمى بجرائم الشرف دليلا علي رفعة العائلة بينما لا يلاحق الذكر الذي شاركها هذه الخطيئة و لا يحمل مسؤولية، بل قد يتباهى بفعلته؟ و لماذا تطلق المرأة لانها لم تعد جذابة لزوجها فيضيع الأبناء فتحمل هي لا هو وزر هدم بنيان الأسرة، إن لم تكلف هي بالإنفاق عليهم و احتضانهم.
و هل يقرأ الإنسان العربي الآية الكريمة ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) فلا يكملها ( و بما أنفقوا من أموالهم ) فيفهم أن طلبه من زوجته أن تعمل و تحمل هم الاسرة المادي كليا أو جزئيا انما يقتضي مشاركتها في القوامه فيظل حضرته يتمتع بالسلطة و الجهد و المال و حرية الإيذاء و الطلاق؟!.
ثم هل كان مفكر طليعي كابن خلدون مؤسس علم الاجتماع إلا ابن مجتمعه الذي ينظر إلي النساء من عل فيخفق أمثاله في النظر الصحيح الي النساء و يبقين عنده أوعية للحمل، الخ… بينما الأدباء العرب المعاصرون وعلى رأسهم العقاد و الحكيم و بقدر أقل طه حسين و بقدر خفيف محفوظ لم ينجوا من أسر النظرة الدونية إلى المرأة ففيها شيطان الاشتهاء، و قدرتها لا تؤهلها الا لتدور حول الكوكب الفرد الرجل.
بل إن بعض المفكرين العرب المحدثين لم يروا إلا أن رابعة العدوية إنما كانت هاربة إلى العشق الالهي بسبب حرمانها الجنسي، بينما المتصوف الاكبر صاحب الحكم معروف الكرخي إنما كان في إخلاصه لربه مرتقيا في علم المعرفة الذي أوصله إلى غاية العلم اللدني؟.
أسئلة استنكار تصرخ في العقل والوجدان حتى يجد ضالته، الحقيقة التي ضاعت منه بفعل الرغبة في احتكار السلطة و القوة الاقتصادية و الاستمتاع بالمخلوقات التي تنتظر الرحمة و الشفقة من سي السيد و نظراءه، يعني من كل الرجال.
والآن، لا يمكننا سوى قول “رحم الله نوال السعداوى”.