أرجو أن لا يقرأ هذا طماعاً
بقلم – شوق الجهني، المدينة المنورة:
ذكر لنا الكاتب و الشاعر جبران خليل جبران في كتابه “السّابق” عن ما يسمى بـ “الطمع” حيث أنه لم يسبق لي أن قرأت تفسيراً بهذه الصورة المثالية بتفاصيل أكاد أجزم أنها أجمل صورة للطمع.
“وحشاً على جزيرة جرداء له رأس بشري و حوافر من حديد”، هنا كان قد جرده جبران من إنسانيته حين ذكر أنه وحشاً و تلك الحوافر كانت قد وضعت كمحاولة لتروضيه و السيطرة عليه والتي قد بأت بالفشل.
“كان يأكل من الأرض و يشرب من البحر بلا انقطاع”، بلا انقطاع، في استمرار، في كل لحظة، دون تضجر و ملل، دون أن يشعر بالتعب، دون التفكير بروية.
حتى تم سؤاله ما نود جميعاً أن نسأل ذاك الطماع، و لم نجد يوماً إجابة تذكر او تفسيراً لما يفعل.
“ألم تبلغ كفافك بعد؟ أليس لجوعك من شبع او لظمأك من ارتواء؟”، و كان رد عديم الإنسانية التالي و الذي كان صعب الاستيعاب، حيث أني قد تفاجأت بعلمه أنه يقع تحت مسمى الطماع.
“نعم، نعم، قد بلغت كفافي، بل قد مللت الأكل و الشراب و لكنني أخاف ان لا تبقى لي غدٍ أرض لأكل منها وبحر لأرتوي من مائه”، التأكيد حين ذكر نعم، مرتين في علمه أنه قد نال كفاه حقاً و يشعر بذلك، لكنه أيضا يفسر لنا خوفه في أن يتوقف و ينفذ كل شيء. لن يتجرأ ذاك الطماع البتة في أن يرتدي قناع الإنسانية لوهلة ليشاركنا قوتنا و يومناً حتى يستلذ حقاً بما نصنع و ننتج بما نحمل و نحصد.
في النهاية، نحمد الله على ذلك حقاً فنحن نعش بخوف أن يعلم عنا.