مشاعر الكاتب بين الحقيقة والخيال
بقلم- رزان البكر:
عملية نسيج الكلمات مرهقة للكاتب الذي يهتم بما يكتبه، يرغب بأن تسري المشاعر في ذهن القارئ، ان تملك رسالة تنبض كما ينبض قلبه، ليصل بالقراءة إلى مرحلة من اندماج مشاعرهم بما كتب.
كتبت «توني ماغواير» عن الحادثة المؤلمة التي عاشتها لسنين كل من يقرأ رواية ” لا تخبري ماما ” يأخذ جزء من حزنها ويحمله معه هكذا أظهرت مشاعرها الحقيقية ولم تكن سهلة الاظهار تقول الكاتبة ( تسنيم عبدالرحمن النمر) حول رائها في السبب الذي دفع توني للكتابة :
كتابة المذكِّرات العادية عادة ما تكون لرغبة الإنسان في الاحتفاظ ببعض تفاصيل حياته، وربما لمجرد حبه للكتابة، وأحيانا لعرض قضية وطرح حلول. وهذا الأخير هو ما ظننته هدف «توني» من كتابة مأساتها إلى أنْ قرأت الرُّواية وفرغْت منها. ثم أدركت أنَّ غايتها أعمق من ذلك ولكن ما هي؟ لا أدري، وكيف أدري وصاحبة المعاناة نفسها لا تدري. لم تحكِ «توني» في مذكراتها إلاَّ تفاصيل «المأساة» وكيف انتهت بسَجْن أبيها، ودخولها هي للمصحَّة النفسَّية حتى خروجها بسلام.
أوصلت توني القارئة تسنيم والكثير من مثيلاتها الى نقطة الوعي بالغاية دون معرفتها شعور ان ما كتب حقق غايته اختبئت بين أفكار العقل لكنها وصلت حققت وعياً
ولكن ليس كل معشر الكُتاب من امثال “توني” فعن مشاعر الكُتاب قيل:
سنكتب عن مشاعر لم نعشها
و يقرؤنا المُعادي والصديق
و يحسب من يُراقبنا بأنّا
على غير السعادة لا نُفيق
و ما عَلِموا بأنّ لنا خَيالاً
تضيقُ بنا الحياة و لا يضيق
ان الخيال هو فسحة الكاتب ينسج فيه مالم يعيشه ربما ما حرم منه في واقعة وربما اموراً لن تحدث في الواقع ابداً
ف جوان التي أظهرت حبّها للتأليف والكتابة في سن مبكرةكانت تسرد لأختها الصغيرة العديد من القصص الخيالية، وفي عمر السادسة قامت بتأليف أول قصة من وحي خيالها وأسمتها بقصة الأرنب رغبة منها أن يقتنع أبويها على قدرتها في اقتناء أرنب.
ولعل موقف الارنب يكشف كيف كانت جوان تحل كل تحديات حياتها بقصة خيالية
فعندما صدمت بانفصالها ووفاة والدتها وكونها عاطلة مع طفلة لا تعلم كيف تعولها جاءت فكرة رواية هاري بوتر من إلهام مفاجئ عندما كانت على متن القطار المتّجه من مانشيستر إلى لندن وتعلق الكاتبة في إحدى تصريحاتها (كنت عائدة إلى لندن على متن قطاري المزدحم، وجاءتني ببساطة فكرة هاري بوتر. كنت أكتب بشكل متواصل من سن السادسة حتى الآن، إلا أنني لم أتحمّس لفكرة بهذا الشكل من قبل. لكني شعرت بخيبة أمل كبيرة؛ لأنه لم يكن لدي قلم حبر جاف وكنت أشعر بالخجل من أن أستعير واحدًا… لم يكن لدي قلم يعمل جيدًا، لكن ربما كان هذا شيئًا جيدًا؛ ببساطة، جلست وأخذت أفكر لأربعة ساعات، الوقت الذي تأخر فيه القطار، وبدأ يتفتق ذهني عن أفكار، وهذا الصبي النحيل أسود الشعر الذي يلبس نظارات طبية ولم يكن يعرف أنه ساحر بدأ يصبح حقيقيًا أكثر وأكثر بالنسبة لي. وفي الأمسية نفسها، بدأت أكتب حجر الفلاسفة، بيد أن الخمس صفحات التي كتبتها لا تشبه هذا الجزء بعدما انتهيت منه»
في عمق يأسها صنعت الساحر الطموح هاري وقدراته معاكساً لمشاعرها فتحولت حياتها كما تحولت حياته
واستطاعت أن تحقق في كل نسخة أرقام مبيعات تزيد عن سابقها، ووافقت على إخراج 7 أفلام من السلسلة ذات الكتب السبعة، ولكن الجزء الأخير من سلسلة الكتب قُسم إلى جزئيين في سلسلة الأفلام فكان مجموع الكتب 7 ومجموع الأفلام 8، فتكونت إمبراطورية هاري بوتر الضخمة
و في مسيرة واسيني الاعرج الكتابية نجد انه يعبر عن عالم النساء ويستنكر البعض حين يعلم ان من صاغ هذه الكلمات رجل وحين سئل عن
إمكانية الكاتب الرجل بالولوج إلى عالم المرأة الداخلي وهو يكتب بلسان شخصية نسائية كونه من احد ابرز الروائيين الرجال الذين برعوا بوصف دواخل النساء المشاعرية
أجاب الأعرج “إن هذا يعتمد على عوامل تربوية بالأساس، وفي حالته كونه تربى تحت كنف امرأتين هما: جدته، وأمه، فإن هذا جعله يدخل في تفاصيل عالم المرأة الداخلي من خلال الإصغاء للصوت الأنثوي”.
لذا يبدو أن الكاتب بحسه ومهاراته وربما ببعض التحفيز من بيئة قادر على صنع مشاعرلاي حدث يكتب عنه من وحي خياله
ولكن بين طيات السطور لابد وان هنالك أجزاء من مشاعر وقعت في قلبه لا الخيال.