مقالات

مجرد دعوة

                                                                    

د.أحمد سماحة

 ليس بالضرورة لكي تكون سارقا او محتالا ان تمد يدك الى جيوب او بيوت او ممتلكات الآخرين, او حتى افكارهم بل يمكنك ان توهمهم بقدراتك الخارقة وامكاناتك التي تشفي المريض وتسعد المحزون وتغنى الفقير, وتمنح القدرة والارادة لمن لا يملكهما وتدفعهم الى ان يسموا على مشاكل الحياة ويتخطوا نقص الثقافة والمعرفة, والعلم واكتساب المهارات بما تمنحه لهم في بضع ساعات رغم ان البشرية عبر تاريخها الطويل والممتد منذ الخليقة وحتى الآن لم تقدر على صنع ذلك, فالامراض النفسية تزداد والتقسيم الاجتماعي محتم, والجهل ونقص المعرفة لا تدفعهما ولا تتعداهما بضع دورات لا نعرف اسسها العلمية او الفكرية وهل هي اشبه بجلسات التنويم المغناطيسي او التخدير الفكري المؤقت ام ماذا؟

في الحقيقة استفحل الامر واستشرت ظاهرة المدربين العالميين (ولا ندري من منحهم تلك الصفة) وباتت تماثل برامج الحظ والمسابقات الوهمية في استنزاف الجيوب والعقول دون فائدة.. فهي تمنح الوهم المؤقت الذي لا تستطيع ان تقول معه انك لم تسعد او تنجح او تفهم حتى لا تتهم بالغباء, وعليك ان تقر ببرمجة اعصابك بلغة سحرية لا تعرفها وان حياتك الاجتماعية لفها الامل والسعادة بعد انتهاء برمجتك وانك ستضحى من السعداء الاغنياء والقادرين على الهيمنة على الآخرين وهنا فليسقط العلم ويذهب الى الجحيم.. وإبعاد الدين بجانبيه العقلي والروحي إلى الخلف … لم لا وهذا البرفوسور الذي جاء من الغرب محملا بالمعرفة وذلك المدرب الذي حظي بشهادة من مركز.. العالمي الذي لا نعرفه وهذا الخبير ( ولا ندري من خبره) كل هؤلاء قادرون على ان يمنحونا السعادة والانتصار على مشاكلنا والامنا فهل فكرنا جيدا.. كيف؟ ولماذا؟ وهل حللنا بعض ما يقولونه وتوقفنا عند الكلمات التي تدغدغ المشاعردون جدوى..تلك دعوة للتفكير والتبصير بعد ان استفحل الامر بالفعل واصبحت السعادة المعلبة والغنى المحنط والنجاح المجفف وصفات جاهزة للقضاء على مشاكلنا.

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى