في عش الافكار مجبرين بعد العزلة
بقلم – رزان البكر:
حين نتأمل اعمال التشكيلي “إدوارد” نتفكر في مفهوم العزلة عند المبدعين فهو الملقب بفنان العزلة بتجربته الفنية المتميزة إذ خصص تجربته كلها للتعبير عن عزلة الإنسان وهشاشته في العالم المعاصر.
وثمة أدباء مبدعون اختاروا العزلة فكانت أعمالهم تحفاً فريدة، لكنها في ذات الوقت حمالة ريبة وإشكالات؛ فالكاتب “فرانسوامورياك” كان يرى أن باريس عزلة مكتظة وصحراء بلا عزلة.
أما “ميلان كونديرا” فصرح في أكثر من مناسبة أن الأصدقاء من يدفعون الإنسان إلى العزلة وليس الأعداء، وللشاعر “راينر ماريا ريلكه” رأي اخر عن العزلة فهو يعتبرها الشيء الوحيد الضروري للذهاب بعيداً إلى أعماق الانسان والاعتراف بحقيقة لا مفر منها: نحن العزلة وبالتالي فالإنسان كائن وحيد داخل عزلته العظيمة لكن هذه العزلة تزداد تفاقماً حينما يتعلق الأمر بعزلة المبدع.
يقول الشاعر الإماراتي “أحمد العسم” في وصف العزلة: إحساس نفسي باليُتم يحيا معه المبدع بعيداً عن البشر، ويضيف أن العزلة الداخلية هي أكثر ما يحتاجه الأديب ليعيش مع نصه الذي يتمنى ألا ينتهي من كتابته.
لطالما تمنى المثقفون وقتاً ثميناً يقضونه مع الكتاب، أو فراغاً من زحمة الأعمال وصخب الحياة يؤدون فيه الواجبات المعلّقة، أو يستكملون المشاريع المؤجلة.
فكثيرٌ من الأفكار بحاجة إلى تفرغ من هموم الزمان، وثمة كتبِ انحبست على الأرفف، علاها الغبار ولم تطلها الأيدي، تتطلع إلى فسحة من الوقت لتفيض ضياءً قبل أن يطويها النسيان.
يقال عن العزلة انها عش الافكار واليوم نحن وضعنا فيها دون حول او قوة أُجبرنا لما تقتضي المصلحة بعد الجائحة
قد يعكر افكارنا شبح الجائحة قد تكتظ المشاعر والافكار في هذه العزلة لكن لا يغيب عن بالنا ان الكتابة وسيلة لإخراج مشاعرنا وأفكارنا، وهي أيضا وسيلة بسيطة من وسائل العلاج النفسي يسمى العلاج بالكتابة.
الكتابة تساعد على إخراج مخزون المشاعر والأفكار، لذلك تصبح وسيلة ممتازة لتحسين الصحة النفسية التي لا تقل اهمية الحفاظ عليها في هذه الظروف عن الصحة الجسمية.
ستمر الجائحة قريباً وسنكون بخير برحمة الخالق ولو اغتنمنا فرصة عزلتنا في خلق فكر وحرف قد نرى بعدها رواية كـ «الحارس في حقل الشوفان» لـ “سالينجر” او اشعار غناء كأشعار “تشيسلاف ميلوش” وغيرهم ممن ابدعوا في العزلة فالحال واحد ان كانت العزلة خيار ام اجبار.