منطقة محظورة
نص نثري بقلم- شيرين زين الدين، مصر:
لا أستطيع أن آخذ كل تلك الأشياء التي أحبها
أقولها لنفسي دائما:
لن أستطيع أن أحمل كل شيء .. وأنا بيدٍ واحدة
رغم أني لا أملك أي شيء على الإطلاق لأحمله
لكني أقنعت نفسي أن لدي أشياء كثيرة
ولا أعرف كيف
فقدت ذراعي ذات يوم وأنا أبحث عنك..
في الليالي المظلمة
وكم من أراد أن يتذوقني وقلت له تَفضّل
و حينما يخرج لسانه
أقطعه بسكينٍ .. كنت أحمله في جيبي احتياطياً
حتى أحتفظ لك .. بنكهة الفانيليا
رأيت شيخاً بذقنٍ طويلٍ أبيض
يقولون له “مولانا”
و قبل أن أسأله عنك..
أشار إلى جهة البحر .. ثم اختفى
جريت إلى الموج العالي
و احتضنته بذراعٍ واحدة ..
بعدما أكلت زوجة أحدهم ذراعي..
لتقتل رغبة كل الرجال فيّ إلى الأبد
سامحتها لأني لا أرغب في أحدٍ منهم
كنت مطمئنة أنك لن ترى بشاعتي تحت الماء
لأننا عادة تحت الماء نغمض أعيننا
كانت رغبتي فيك تفترس أشيائي الصغيرة
ضَعفْت فتنازلْت ففقدْت أشياء كثيرة
أغلب الكائنات البحرية تلتهم أي شيء ..
و لا يهمها الشكل الخارجي للإنسان
كنت أسبح بينهم و كأنني سمكة
رغم أني لم أدرك السباحة ذات يوم
لم أصعد إلى الأعلى لألتقط أنفاسي
كل ما كان يهمني أن أصل إلى مائك النقي
لكنّ معركة صارت بيني..
و بين حوتين عظيمين في البنيان
نجحا أن يمنعاني من الوصول إليك
و سمك القرش .. أخذ شكل الدائرة و تآمر عليّ
ثم تَفرّقَ و قطعَ الماء بأمر قائد
يقولون أنه أغرق قلبه ذات يوم
قَطَعَ ذراعي الأخرى ..
ليكتب بها على بحرك الشاسع ..
منطقة محظورة
والحوتان متمسكان بضفائري كي لا أهرب
أنا لم أخف من الموت يوماً
كل ما كنت أخشاه أن يسرق أحدهم مني
نكهة الفانيليا
أعلم أني خسرت يديّ
لكني أريدك .. أريدك بقدر ألم الدنيا
لو تركوني فقط
لو تركوني فقط أذهب إلى منطقتك المحظورة ..
كنت سأحتويك بين ساقيّ
كنت سأحتويك كلك ..
كنت أتمنى أن أغتسل بمائك النقي و لو مرة واحدة
و أشم رائحة صدرك الياسَمين
لو تركوني فقط أذهب لمنطقتك المحظورة
ماكنت ستشعر أني بلا يدين
أنا لم أخف من الموت يوماً
لم أهتم بفكرة الوجود كله
كل ما كنت أخشاه..
أن يبتلعني أحد الحوتين كاملة
فأظل أناديك من داخله إلى الأبد
و لا تسمع صوتي طول الحياة.