إبداعات

قراءة في رواية جميلة الجميلات للمبدع الدكتور اسحاق بندري

بقلم – د. إيهاب بديوى:
لابد أن يحيلك العنوان مباشرة إلى المرأة. إلى الأنثى التي تتفوق في جمالها من وجهة نظر واصفها على كل من يعرفها. فتقرأ الرواية باحثا منذ السطر الأول عن تلك الجميلة الفاتنة. لكن الراوي يأخذك في عوالم متداخلة في غير تناسق ظاهري. فتجد نفسك لاهثا خلف المخفي من التعبيرات ومغرقا في التأويلات. ثم تخرج في النهاية بعدة تساؤلات. هل هي هي رواية سياسية؟ أم عاطفية؟ أم ذات طبيعة خاصة تعبر عن مشاكل وهموم فئة بعينها؟ أم هي رواية تاريخية اجتماعية تعبر بنا بمهارة وحذاقة بين العصر الحديث بداية من الحرب العظمى الأولى وكل تأثيراتها العالمية والمحلية. وبين العام التالي لثورة يناير بكل خصوصيتها وتأثيراتها على المجتمع المحلي؟ حتى العلاقات العاطفية التي ذكرها الراوي علاقات متشابكة لها طبيعة شديدة الخصوصية وتأثير بالغ التعقيد. تبدأ الرواية إذن باستدعاء الجدة الثمانينية التي تعيش في بيت عائلة أرمنيوس في أسيوط لحفيدها الوحيد أمجد الذي يعمل أستاذا في كلية الآداب بجامعة القاهرة
وفي طريق العودة يسترجع أمجد ذكرياته بين علاقتي حب اثرت كل منهما في نفسيته جدا الأولى ندي التي كانت تعمل في مكتب عمه للمحاماة وخطبها ابن جريس المتوحش شقيق زوجة عمه كاميليا. والثانية أولجا الفتاة البولندية التي جاءت في منحة لدراسة أيقونات الحقبة البيزنطية في الكنائس المصرية وطلبت منه الذهاب معها إلى أوروبا. ومن خلال العلاقتين تبرز ثقافة الراوي العميقه وتأثره الشديد بالثقافة الغربية. كذلك تبرز مشكلات الأقباط في مصر والمعاناة التي يشعرون بها. ويقارن الكاتب بإبداع حقيقي بين فترة ما قبل ثورة يوليو وما بعدها. ويحدد لنا سبب تركه اسيوط والذهاب إلى القاهرة هربا من السلبيات التي سيطرت عليه في بلده. هل كان الحب الفاشل هو السبب؟ إم التناقض الواضح بين الواقع الفعلي والخيال الذي يعيشه البطل. ام هي رغبة متأصلة في الهروب من المواجهة مثل التي سيطرت على عمه طوال الوقت؟ نحن أمام عمل إبداعي مكتوب بلغة راقية تكاد تكون شاعرية. تمتزج فيه الأبعاد المختلفة في تناسق بديع. وتعطينا فكرة حقيقية عما يدور خلف الأبواب المغلقة. إسقاطات واقتباسات مبدعة ومثقفة على تشايكوفسكي وديستوفسكي وكفافيس وفرانك سيناترا. كوزموبوليتانية راقية بين الجنسيات التي عاشت في مصر في النصف الأول من القرن العشرين..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى