القيود على الأدب وحرية كاتبه
بقلم – رزان البكر:
من غير المنطقي القول أن الأدب لا يخضع لقيود أو القول ان الفنون بأجمعها لا تخضع للقيود معظم الفنانين يقدسون حريتهم ولا يريدون مساومتها باي امر لكن محيطهم لن يقدسها كما يفعلون قد يهب لهم حيز من الحرية يوزعه بالحظ لا العدل حسب مناطقهم واعرافها لكنهم لن يكتفون به
قال لي احد الشعراء انه حرق قصائده بنفسه عندما يأس من نشرها كونها لا تتوافق مع ما يراه والده كشعر قابل للنشر فهو لم يزكي قبيلته ولم يمتدح شيخها بل اخذته العاطفة الى قصائد لن تقدر في وسطه الاجتماعي
وقالت لي أخرى ان من حولها يظنون ان في انتشار اسمها جلب للعار ! ولهذا هي لا تنشر ابداً ما تكتبه
وبينما انا اشهد موت الأدب قبل ان يولد تولد لي شعور بأن القيود قاتلة ولن يبرء جرمها في نظري ابداً
ولكن لثقتي بان كل فنان مبتكر وان الأدب لن يموت بسهولة بل سيتمسك بالحياة
وانتشار حلول لتلك المعضلة في الأوساط التي ينشأ بها الأديب حيث ظهرت الأسماء المستعارة التي تمنح من يستتر خلفها حيز إضافي من الحرية كالحل الأمثل للنشر جعلني اعيد النظر في ماذا تفعل القيود بالأدب
تقول حياة الياقوت في مقالها (الإبداع الأدبي بسبب القيود لا رغماً عنها) المنشور في مجلة البيان الصادرة عن رابطة الأدباء الكويتيين :
نعم كي يبدع الإنسان يحتاج التحرر من القيود لكن كي يبتكر يحتاج الى قيود
قيود تهصره وتخرج افضل مافيه كلٌّ وطموحه فإذا كان طموح المرء ما قال الشاعر”لآت بما لم تأت به الأوائل” أو ( التجريب بالمصطلح النقدي ) فعليه أن يفرض على نفسه قيوداً نبيلة
وإذا كان يريد حرية طفولية وأن يظل في دائرة الابداع مع قطيع من سلالة خاصة حصرية ( لكنه يظل قطيعاً له ديناميكيات يأتمر بها ) فليرع “مع الهمل” على قول الطغرائي
واستعرضت ايضاً في مقالها الزخارف الإسلامية وكونها لم تبتكر الا من قيد الدين في رسوم ذوي الأرواح ورأيت ان القيود المجتمعية اسهل حلاً وان الأسماء المستعارة لابأس بها
واعجبني وقع “قيوداً نبيلة” تردد داخلي طويلاً..
وارى في فرض الكاتب على نفسه قيوداً حرية ! فمتى كان الاختيار من النفس ويطبق عليها فهو قرار حر أي ان حرية الكاتب محققة ولم يساوم عليها في هذا الموضع
وهنا تقر عيني الفنان بأن حريته لم تمس ولكن ما جدوى القيود خاصة في التجريب وهو الرؤية الواضحة والمنهج الكامل الذي يريد تقديم نماذج جمالية اصيلة
ربما الالتزام هو السبب كون التجريب ملتزم بمن يبدعه وقضاياه وعليه تقع مسؤولية التأسيس لوعي جديد في الأدب ولذا كان على من يريد بلوغ التجريب وضع القيود
وربما حماسنا للتعبير بحرية والسعي للوصول الى ما لم يصلوا اليه جريمة حسنة النية
قد نتجاوز التقليدي والمألوف ونجد لدينا نصاً ركيك !
فدون قيود نهج التجريب يفقد العمل اصالته وخصوصيته وربما في القيود التي تحقق التجريب مفتاح الباب الذي يخرجنا من المعتاد الى المبتكر في صياغة الفن
وكل ما يبتكره الفنان يكون له جسراً يربط بينه وبين ما ابتكر لإجله ما ابتكر وفي حال الأدباء فوراء كل كلمات تبتكر اهدافاً يرغبون في تحقيقها والحرية كلها هي حرية العمل لتحقيق الأهداف اما ان لم تكن هنالك اهداف تحقق من خلف الكلمات فعزائي للأدب في أُدباءه .