محاكمة عاطفية
شعر – محمود عبد الصمد زكريا:
الجميلة ُ لن تسكرَ الآنَ
ثمة وعيٌّ بها واقفٌ كالألفْ
وثمة سترٌ لها رافضٌ
وسِرٌّ بها غامضٌ
إذا شئتَ تكشف عنهُ
فلن ينكشفْ
كيف قُل لي إذن
تحاولُ أن تستخفَ
بما ليس للضد ِ أن يستخفْ؟.
أيها الشاعرُ الضدُ
يا أيها المختلفْ
وأنتَ الذي كنت َ بالأمسِ
يا سيدي تعترفْ
عند حاء ِ الحدائق ِ
حاء ُ الحرائق ِ لا تأتلفْ
كيف تأتي إذنْ
بقنينة من حياةٍ
بها ما بها
من عصير ِ المعاني الجميلة ِ
عَطّرْتَها برحيق ِ الحروف
وعُلبةِ تبغ
حشوتَ سجائرها بالأماني العِذاب ِ
لهذي الجميلة
تلك التي حقنتها الوقائعُ ؛ والعُرفُ
– لا سيَّما العرفُ يا سيدي
بمحلول ِ وهم ِ الترفْ.
وهي التي غمستها الحياة ُ
بمنقوع ِ فكر ٍ
به ما به من توابل ِ كيد ٍ النساء ِ..
وبعض ِ المساحيق ِ من عُلبة ٍ للشرفْ.
وليس لها في حياة التصعلك
غيرُ فقاقيع َ من زبد ٍ ..
وهواءٌ ..
إذا مسَّ قلبك يا سيدي ترتجفْ.
أيها الشاعرُ الضدُ
يا أيها المحترفْ .
أنت َ لا تدعي الاستقامة
عند اشتداد ِ الرياح ِ
ولا تدعي الانحناءَ
إذا ما استقر المناخ ُ
وحتى إذا مرَّ سيلٌ عليكَ
فلا تنجرفْ
والجميلة ُ ..
ليس لها من حنين ِالسعادة ِقسطٌ
وليس لها
إن تسوق إلي الحبَّ بعضَ الأسفْ
وليس لك َ الآن – يا سيدي –
أن تخصِّبَ في ساحة ِ الحبِّ
بعضَ النطفْ.
نعم ْ .. هي أنثي
بها ما بها من مفاتن
ليست كما قلت َ
أو قال غيرُكَ : آنية ً من خزفْ
ولكنها لا تريدك َ في ذلك المنعطفْ
فأجل طموحَكَ يا سيدي
فالجميلة ُ لن تسكرَ الآن
حيث لها موعدٌ
ربَّما أجلتهُ المسافات ُ
ومازال بدرُ الحياة ِ هلالاً ببستانها
فكيف الأهلة ُ قبل اكتمال ٍ لها …
تنخسفْ ؟!
– هذه نقطة ٌ الاتفاق إذا شئت َ –
أو ربَّما سيَّجتها يدُ الله ِ ..
والشرفُ العائلي المبقعُ بالكدح ِ
تلك إذن نقطة الاختلافِ
إذا شئت َ أن تختلفْ
فاختلفْ
أيها الشاعرُ الضدُ
لملم كئوسَ شرابك
تلك المليئةُ بالحب ِ ؛ والوهمِ
وارحل
فهذي الجميلة ُ لن تسكرَ الآن
ليس لديها سوي دورق ٍ من هواء ٍ
وكأسِ سرابٍ معتقة ٍ في الخيال ِ
ويا ربَّما جسدٌ قد تتبلَ
بالصبر ِ؛ والزهد ِ ؛ والسهدِ دهراً
وروحاً معذبة ً بالحبيب ِ
الذي إذ يجئ ُ ..
يجئ كمثلك بين خيارين
إما الرضا بالجنون ِ
وإما الهروب ُ..
الجميلة ُ ..
ليس لديها سوي موعدٍ في الغياب ِ
ومحض ِ انتظارٍ عقيم ٍ ..
وحلم ٍ تأرجح بين الغموض ِ
وبين غموض ِ الغموض ِ ..
وحُبك يا سيدي كغريب ٍ تسلل
ليس لديه سوي شهوة ٍ للحنين ِ
أو الاكتمالِ ..
ولكنها بعد واو الإضافة والعطف ِ
لا تنعطفْ.
لَك َ الآنَ أن تتقي الله في القلبِ
ليس سوي جثة الحبِّ
تلك التي ترتدي شِكة َ القنصِ
أو بزَّة َ الرقص ِ..
لملم حروفك يا أيها الشاعرُ الضدُ
عن درب ِ تلك الجميلة ِ
لابد َ .. لابدَ ..
لابد أن تنحرفْ.