سقف الغرفة
قصة- انصاف البلوي:
لأَوَّلِ مَرَّةٍ اسْتَيْقَظ أَظَل محدقة بِسَقْف الغُرْفَة دُونَ أيِّ حَرَاك دُونَ أَنْ أَنْظُرَ لَسَّاعَةٌ أَوْ حَتَّى إنَّ أَجْهَزَ فِنْجان قَهْوَة، هَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ إنِّي كَبِرَت لِدَرَجَة إنِّي تَأَمَّل شَكْل سَقْف غُرْفَتِي الْمَصْبُوغِ قَبْلَ أَيَّامِ لِيُخْفِي تَجَاعِيد الزَّمَن وَمَا حَدَثَ بِهَذِه الغُرْفَة.
الْغَرِيب بِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ بِعَقْلِيّ أَيْ فِكْرَةٌ سَوّ التحديق بِالسَّقْف، وَالْغَرِيب بِأَن ظَلِلْت لَمْ أَعْلَمْ كَمْ ظَلِلْت مِنْ الْوَقْتِ، وَبَعْد بُرْهَة لَم يُعْجِبُنِي اللَّوْن الْمَصْبُوغ أُرِيدَ إرْجَاعُ الْقَدِيم كَيْف لِي أَن أَرْجَعَه؟.
لَم يُعْجِبُنِي اللَّوْن سقفي الْجَدِيد يشعرني بِغُرْبَة غُرْفَتِي أَشْعَر بِأَنِّي خُنْت مَنْزِلِي الَّذِي كُلُّ جُزْءٍ بِه قِصَّة فَرِح حُزْن، لَمْ تَكُنْ غُرْفَتِي لَمْ تَكُنْ كَانَتْ مُجَدَّدَة وَأَنَا لازلت كَمَا أَنَا لَا أَسْتَطِيعُ تَحْدِيث وَلَا زِلْت كَمَا يَقُولُونَ إصدارا قَدِيمٌ، وَكَأَنِّي هَاتِفٌ أَو كَمْبِيُوتِر لَا أَعْلَمُ كُلُّ مَا اعَلِمَهُ الْآن إنِّي لَا أُرِيدُ سقفي الْجَدِيد أُرِيد سقفي الْقَدِيم كَيْفَ يَتِمُّ أَرْجَعَه ؟.
قُمْت بِسُرْعَة لِتَفَقُّد بَقِيَت سَقْفُ بَيْتِي وَجُدْرَانِه لَمْ أَجِدْ سِوَى غُرْفَتِي قَد تَجَدَّدَت ذَهَبَت للمطبخ أُخْرِجَت فنجاني المتصدع، لازلت أَتَذْكُر سَبَبٌ الصَّدْع
اللَّهِ مَا أُجْمِلَ الذِّكْرَيَات وَمَا أبشعها عِنْدَمَا لَا يعيشها سُوء فَرْدٍ مِنْ هَذِهِ الذَّاكِرَة.
وَقَفْت لبرهه هَلْ مِنْ الْعَدْلِ أَنْ أَعِيشَ عَلَى ذِكْرَيَاتِهِم وَهُم يَبْحَثُونَ عَنْ ذِكْرَيَات غَيْرِهَا ؟، هَل اجدد كُلّ ماحولي وَلَكِن مَاذَا لَوْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَنْسَى ذِكْرَيَاتِهِم؟!، بفنجان اتذكرهم وبرائحة استطرقهم وبنوم تجلبهم أَحْلاَمِي لَدَيّ وَمَعَ ذَلِكَ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ اِقْتَرَبَ مِنْ غَرْفَةٍ نَوْمِي لِمَاذَا ؟ لَا أَعْلَمُ!.
بَقِيَتْ عَلَى شَرَفِهِ الْمَنْزِل أَكْمَل شَرِب الفنجان
نَاد الْجَار:
صَبَاحِ الْخَيْرِ يَا جَار
مديت فِنْجان لَه وَقُلْت صَبَاحِ الْخَيْرِ اصْعَد أَشْرَب فِنْجان قَهْوَة
قَالَ لَا شُكْرًا مَعِي كُوب قهوتي وَكَانَ عَلَيْهَا إشَارَةٌ مارْكَة مِن ماركات القَهْوَة
لَا أَعْلَمُ مَدَى هَو هَوَسٌ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ دُونَ أَنْ يَشْرَبُوا فِنْجان قهوتهم بِهُدُوء فِي مَنَازِلِهِمْ مَعَ صَوْتٍ فَيْرُوز، وكاننا أَصْبَحْنَا نُرِيدُ أَنْ نتحضر بِطَرِيقِه مُفْلِسَة
وَكَأَنَّه لايوجد قَهْوَة بمنازلنا وكاننا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَشْرَبُهَا بِالْمَنْزِل أَوْ أَنَّ نَعُدُّهَا بِالْمَنْزِل وناخذها مَعَنَا
لَيْسَ هَذَا حَدِيثَنَا عَنْ مَاذَا كَانَ؟، آه صَحِيحٌ ذكرياتنا
مِن الْوَفِيّ فِينَا الْجِدَارِ او فِنْجان القَهْوَة او نَحْنُ؟!
صَعُب سُؤَال و لأصَعُب الْجَوَاب.
لَا أَسْتَطِيعُ الْحُكْم لِأَنِّي أُرِيد لِسَقْف غُرْفَتِي أَنْ يَرْجِعَ
وَلَا أَسْتَطِيعُ إصْلَاحِ ذَلِكَ قَدْ تَجَدَّدَ وَانْتَهَى، لِأَكْمَل فِنْجان قهوتي المتبقي مِنْه الشّي الْقَلِيل، لأرَى أَنَّ رَأَيْت إحْدَى العرافات أَوْ قِرَاءَةٍ فِنْجان، تَأْتِي لِي تُخْبِرُنِي مَاذَا حَدَثَ لِزَمَان؟.
لَيْتَهُم يَعْلَمُون بِأَنْ لَمْ أنساهم وَبَانِي مَعَ كُلِّ خُطْوَةٍ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ أَجِدْهُم وَبِأَنَّ هَذَا الشَّارِع يُحْمَل أَيَّامِنَا
هَذَا الرَّصِيف وَهَذَا الْجِدَارُ وَهُنَاكَ فِي الزاوية بِقَالِه الْعَمّ حَسَنٌ، الَّذِي لَازَال مَوْجُودًا يَذْكُرُنِي بِهِم، مَاذَا حَدَثَ لذكرياتي مَعَهُم لازالوا يذكرونني أَوْلَا ؟!.
أُجْبِرَت نَفْسِي الْيَوْمَ عَلَى النُزُولِ مِنْ الْمَنْزِلِ
بِذَات إنِّي أَشْعَر بِأَنِّي خُنْت مَنْزِلِي وذكرياته
أَشْعَر بغصة مِنْ اللَّوْنِ سقفي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ لَه
تَجَهَّزْت وَخَرَجَت، أَسْمَعُ صَوْتَ مَشْي بِكَعْب قَدْ سَمِعْتُهُ مِرَارًا أَنَّهَا هِيَ أَجْل لَهَا نَغْمَة خَاصَّةً هَذِهِ الْمَرْأَةِ لازالت كَمَا هِيَ فِي مِشْيَتِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ؟.
تَغَيَّر فَقَط مَلامِح وَجْهِهَا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ دُكْتُور إلَى دُكْتُور لتحافظ عَلَى شَبَابُهَا وَهِي لَلْأَسَف تَغَيُّرَ فِيهَا مَلاَمِحُهَا وَلَكِن لازالت أُعَرِّفُهَا مَنْ مِشْيَتِهَا لِمَا غَيَّرَت مَلاَمِحُهَا مِنْ أَجْمَلِ أَشْيَاء الْعُمْرِ أَنَّ تَجِدَ تَجَاعِيد الزَّمَن وذكرياته فِي خُطُوطُ الوَجْهِ.
أَكْمَلْت مشواري ولازلت لَا عِلْمَ أَيْن سَتَكُون وِجْهَتِي؟، وَإِن الْعُمْر وَالْمَكَان وَالزَّمَان هُمْ نَفْسُ الشَيّ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَعْنِيّّ، وَلَكِن هُمْ مِنْ يحددون ذكرياتك مَعَ أُنَاسٍ البَعْضٍ مِنْهُمْ أَنْت اخْتَرْتَهُم وَالْبَعْض قَدْ وَلَدَتْ مَعَهُم، وبأنك قَدْ عِشْت مَعَهُم وَتَحَوَّلَت أَيَّامِك مَعَهُم لذكريات، وَبِأَنَّهُم عَاشُوا الْآنَ مَعَ غَيْرِك وَصَنَعُوا لَهُم ذِكْرَيَات أُخْرَى.
وَأَنَا لازلت أَمْشِي بِنَفْس الطُّرُقَات أتجول هُنَا وَهُنَاكَ
وابتسم هُنَا وَأَحْزَن هُنَا وَهُنَاكَ لَا أُرِيدُ أَتَذْكُر خِيَانَة أَحَدُهُم لِي فَأُغْضِب مِنِّي وأغادر هَذَا الْمَكَانِ وَلَّيْتَنِي أَنْسَى الزَّمَانُ هَذَا وَالْغَيّ عُمْرِي فِي تِلْكَ لِلَحْظِه
وَأَنْسَى هَذِه الْخِيَانَة.
وَلاَ آخَرُ مَرَّةٍ لِمَا أَنَا أَعِيش هَذَا الذِّكْرَيَات وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْسَى ذِكْرَيَاتِهِم مِن فِينَا الْوَفِيّ نَحْن أَمْ مِنْ؟!
فِي آخِرِ الْمَطَافِ ارْجِع مُتَكاسِل مُكَبَّلٌ مِنْ كُلِّ نَوَاحِي
الْعَمّ حَسَنٌ مُرَّةَ قَالَ لِي لاتنسى الذِّكْرَيَات لاتنسي حَتَّى ماتقسى، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَنْسَى وَلَا حَتَّى أَقْسَى
لِذَلِك أَنَا هَل اُعْتُبِرَ مِنْ الأوفياء خصوصًا بَعْد تجديدي لِسَقْف غُرْفَتِي؟.