إبداعات
في برلمان الضاد
شعر – دكتور جمال مرسي:
( بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية)
***********
مَنَحتُ صَوتِي لِمَنْ كَانَت لَهُ أَهْلا
ومَن أَحَالَت صَحَارِي مُهجَتِي سَهْلا
ومَن جَرَى فِي دَمِي نِيلُ اْبتِسَامَتِهَا
وفِي مَيَادِينِ رُوحِي أَنبَتَت نَخْلا
ثَارَت عَلَيَّ جُمُوعُ النَّبضِ، فَاجتَذَبَتْ
فِي صَفِّهَا القَلبَ والوُجدَانَ والعَقلا
فَرَشَّحَتْ لِيَ مَن كَانَت مكانتُها
بين اللغاتِ هِيَ الأُولَى ، بلِ الأَوْلى
ومَن إِذَا شَاءَتِ الأَقدَارُ أَو ضَحِكَتْ
باحتْ بضِحْكتَها بينَ الوَرَى قَولا
فَإِنْ بَكَتْ حَزَناً، سَالَت مَدَامِعُهَا
مِمَّنْ أَساءَ لَهَا مِنْ حُمقِهِ جَهْلَا
أُمُّ اللغات ، إلهُ الكونِ حافِظُهَا
في الذِّكْرِ ، آياتُهُ -يا مُنكِرًا- تُتلى
هِيَ البَيَاضُ، كَأَنَّ النُّورَ أَلبَسَهَا
ثَوبَ الضِّيَاءِ، وأَضحَى بَعدَهَا ظِلَّا
قُمْرِيَّةُ الصَّوتِ، لَحنُ النَّايِ مَنطِقُهَا
أَلقَتْ عَلَى الشِّعرِ مِن رَوضَاتِهَا فُلَّا
فَازَت بِمَقعَدِهَا فِي القَلبِ، فَانسَحَبَتْ
كُلُّ اللُّغَاتِ ، و صارَ القلبُ مُحتلَّا
و كم كَتَبْتُ بها نثرًا ، فما عَجزتْ
عن جَلبِ مفرَدَةٍ ، إيقَاعُها الأحلَى
قُلتُ اْدخُلِي صَّرحَ أَفكَارِي مُعَزَّزَةً
فكَشَّفَتْ عَن مَعَانِي وَجهِهَا الأجْلَى
و قَدَّمَتْ لِيَ مِن أَنهَارِ لَذَّتِهَا
كأسًا ، نَهَلْتُ شَذَا سَلسَالِهَا نَهلَا
و كُنتُ مِن ظَمَأٍ أَمشِي إِلَى ظَمَأٍ
فَكَانَتِ المَنهَلَ الدَّفَّاقَ و الخِلَّا
فَمَا عَهِدتُ بِهَا غَيرَ اْتِّسَاعِ مَدَى
و ما عَهِدتُ بِها جَهلاً ولا بُخلَا
من ” سِيبَوَيْهَ” إلى ” ألفيَّةٍ ” كُتِبَتْ
مِيزَانُ خُطْوَتُها عَدلٌ فمَا اْختَلَّا
نَحوٌ و صَرفٌ و إِنشَاءٌ يُسَايِرُهَا
عِلمُ البَلاَغَةِ والأَصواتِ و الإملا
صَنَعتُ مِن أَجلِهَا تَاجًا لِهَامَتِهَا
و كم زَرَعتُ فَطَابَ الزَّرعُ و اخضَلَّا
و كم قَطَفتُ لَهَا دُرًّا أُقَدِّمُهُ
مَهراً لِمَنْ سَلَبَت مُلْكاً هُوَ الأَغلَى
قَالَت: فَدَيْتُكَ، مَهرِي فِكرُ مُنشَغِلٍ
بِي فِي ضُحَاهُ، ومَن أَرَّقتُهُ لَيْلا
إني أنا لغة القرآنِ ، هل شَهِدَتْ
دُنيَاكَ مِن لُغَةٍ كانت هِيَ المُثلَى
و أَمسَكَتْ بِيَدِي كَي لا أَتُوهَ، و قَد
أَهدَتْ مَعَاجِمَهَا مِن حُبِّهَا، جَذلَى