الثقافة السعودية تنظِّم مسرحية “جميل بثينة” في ثاني محطاتها بمدينة جده
اطلقت وزارة الثقافة عروض المسرحية الغنائية الراقصة “جميل بثينة”، في مدينة جدة، إذ يواصل مسرح كركلا تقديم أسطورة عشق في العلا في التراث العربي، راوية بالتعابير المحسوسة والرقصات والقصائد جداول الحكاية، وذلك في محطتها الثانية بعد الرياض التي تستمر خمسة أيام حتى الـ 13 من الشهر الجاري.
وتجسد حكاية “جميل بثينة” المازجة بين المشاعر والعادات والتقاليد في قالب ملهم وجاذب، عبر توظيف معرفي لملحمة تاريخية تتسم بالعبقرية في أدوات التفعيل والتفاعل مع الجمهور، بوصفها ترتكز على الحيوية وتوظيف المكان والذاكرة في حيز اللحظة، والآن وضوء المشاهدة المباشرة، وبحيث يكون المسرح مساحة للسفر عبر الأزمنة والوقوف عند تجربة إنسانية حفظت ملامح وتفاصيل الماضي.
وتعدِّ مسرحية “جميل بثينة” تحديثاً في طريقة التعامل مع الحكاية وتوظيفاً للتقنيات للدخول إلى معايشة القصة، متخذة وزارة الثقافة مفهوماً يرفع سقف جودة منتجات الفعاليات الثقافية، ومحققة الفرصة لعدد من الموهوبين السعوديين للمشاركة واكتساب الخبرة واكتشاف أسماء جديدة للساحة الفنية.
إذْ يشارك في إنجاز هذا العمل الفني المسرحي أكثر من 300 مبدع من المعدين والكتَّاب والشعراء، يمثل السعوديون نسبة 40% منهم، من بينهم ستة ممثلين وممثلتان، مع 10 ممثلين ثانويين في بعض المشاهد، إلى جانب أعضاء مسرح كركلا العالمي الذي يضم أهم نجوم المسرح والغناء.
وتتجلى البراعة في سرد قصة حب كلاسيكية وُلِدت بين جميل وبثينة في وادي القرى بالعُلا، من خلال رحلة شاعر الغزل “جميل بن معمر”، عبر تتبع لمنبت شرارة اللقاء والتحولات بين الرفض الحاد إلى القبول حد التماهي، مروراً بملاحظة كيف تلقى المحيطون بالعاشق والمعشوقة الخبر وتحديات الوصول، عبوراً بعد ذلك إلى تجوال الشاعر بين المدن وتنقلاته في محاولة للنسيان التي كانت في الحقيقة أبواباً للتورط والارتباط بالأرض والمكان؛ خاصة وأن القلب والوجهة لم تنفك عن الالتصاق بموطن “بثينة بنت حيان”، وكل ذلك يصل إلى الجمهور في لوحات فنية من إبداع كاتب سيناريو وحوار المسرحية المايسترو عبدالحليم كركلا، وإخراج إيان كركلاوكوريغرافيا أليسار كركلا، ناسجين خيوط المسرحية بالمشاهد المصورة في خلفية اللوحات الفنية الراقصة المستوحاة من وادي القرى، والعروض الراقصة كثيفة التناغم بين الكلمة والنغم وسحر الإيقاع.
وتنتقل حكاية جميل وبثينه من كتب التاريخ وصفحات الجمود المهددة بالتهميش إلى فضاء المعايشة وسيولة الدوافع والتبريرات، الإشارة الذكية إلى نقطة بعيدة وتمهيد الدرب للوقوف عندها والتعرف على كواليسها وأسرارها، بناء الجسر بين زمنين طالما أن المكان نفسه والإنسان ذاته ولكن الحكاية هذه المرة تطفو على السطح وتتخلق على مسرح المحاكاة، قفزة تستند على الأصالة وعراقة الحضارة العربية وجدارتها بالحضور والظهور في مقدمة الأعمال الإبداعية.
وتأتي مسرحية “جميل بثينة” في إطار حرص وزارة الثقافة على جذب أفضل المسرحيات العالمية الرائدة في المجال المسرحي؛ لخلق فرص المشاركة للمواهب السعودية مع نظرائها في العالم، إلى جانب تقديم نشاط ثقافي يناسب فئات متنوعة من الجمهور، مع ما يكفله ذلك من تحفيز المجال المسرحي في المملكة، ورفع معاييره نحو مستويات تنافسية.