إبداعات
رسالة حب
شعر – د.حسن طلب:
أما رسالة الحب هذه المرة، فإلى فيلسوفة، وما أدراك ما عقل الفيلسوفة بالغةً ما بلغت من جمال آسر!
هو ابْنُ الموتِ.. والصَّمتِ الجَهِيرِ الصَّوتِ!
يحمِلُهُ حِصانُ الوقتِ أحيانًا
إلى الأرضِ التي يَنْمو الغَضَي فيها
ويَزدهِرُ الأَراكُ هُناكَ!
وهْيَ البنتُ ذاتُ السَّمْتِ
يَعبَقُ في الجِهاتِ السِّتِّ:
وَشْيٌ غامضٌ من بَيِّناتِ بهائِها
فتجيءُ يحرُسُها الفلاسفةُ الغُنوصيُّونَ.. والشكَّاكُ!
مِن كلماتِها الخضراءِ: إنْ أَدْركتَ شُكَّ..
لِيُزهِرَ الإدراكُ!
مَنهجُها: التَّجارِبُ وحدَها ليستْ بعلمٍ
إنَّما الشَّكُّ المَحَكُّ.. ووَمْضةُ الحدْسِ المِلاكُ!
ومن أَلدِّ خُصومِها:
مَن كان يُحتقَرُ الهوَي فيهمْ
وتُحتكَرُ الفضيلةُ بينَهمْ والحقُّ!
مِن مأثورِها: شرفُ اللسانِ الصِّدقُ
ما الإنسانُ إلا النُّطقُ..
يا هذا تَكلَّمْ.. كي أرَاكَ!
………………………
ومِن صَواحبِها: هُدى.. قَطْرُ النَّدى
عفْراءُ.. ليْلَى الأَخْيليَّةُ..
خير مُقْتَنياتِها: ا
لتُّحفُ التي اسْتوحَتْ بهاءَ المريماتِ
وألهَمتْها المجْدَليَّةُ
والتَّماثيلُ الدَّقيقةُ.. فهي طِبقُ الأصْلِ
والنَّصُّ المقَدَّسُ.. و«الفُصوصُ» وشَرحُها
وكتابُ «نقدِ العقلِ»
والصُّوَرُ التي حفَلَتْ بكلِّ مُغامَراتِ الشَّكلِ!
………………………….
من أيَّامِها: (يومُ الحديقةِ) حين عانقَ ظلُّها ظِلِّي
فاسْتَضاءَ العُشبُ بالظِّليْنِ.. ثم تَضوَّعتْ حوْلي
بنفسجةُ التَّجلِّي!
فاستَعنْتُ بمطْلَعٍ من شاعرٍ
طلبَ الأمانَ- لحفْظِ مُهجتِهِ- من «القمرِ المُطِلِّ»!
و(يومُ مكتبةِ المراجِع والنُّصوصِ الأجنبيَّةِ)..
حينَ شاهدَنا رجالُ الأمْنِ مُعتَنِقيْنِ في أقصَى الممَرِّ..
ويومَ جُنَّ جنونُها في مِهرجانِ الشِّعرِ!
حيث تَذمَّرتْ من كثرةِ الأخطاءِ
في الإلقاءِ أو في النَّبرِ!
ثم اسْتأْثَرتْ بِيديَّ وهْيَ تقولُ لِي:
أنا ما رأيتُ خرافةً في العلمِ راجَتْ مثلَ الاسْتِقراءِ!
أو في العِشقِ.. مثل تَغزُّلِ الشُّعراءِ بالعذراءِ!
…………………………
فَلْتجعلْ قصيدتَكَ اخْتِلافًا
إنِّها شَرطِى لكيْ تَحظَى بفاكهتي وتدخُلَ جنَّتِي
اجْعلْها انحِرافًا!
وانتظِرْ.. لتذُوقَ من خمرِي وترتِشفَ ارْتشافًا!
إِنها مَهْري
سأُنشِدُها لنفسِي في علانِيَتي وسِرِّي
واقتربْ لِتكونَ بين مَطارِفي ومَجاسِدِي
اجعَلْها اكتشافًا
سوفَ أنقُشُها على صدرِي وفوقَ وسائِدِي
اجعَلْها اعْترافًا
كيْ أَغِيظَ حَواسدِي!
فيجِدْنَ رَوْنقَها: شجًا في الحلْقِ أو سُمًّا زُعافًا
…………….
كم فعلْتُ المستحِيلَ
لكي أُوائمَ بينَ مَنْطقِها وشِعرِي!
كم صَنعتُ المعجِزَاتِ
لكي أُوفِّقَ بينَ إِعْصاريْنِ جبَّاريْنِ يَعْتَوِرانِ أمْرِي:
وارداتِ ظنونِها.. فى شارداتِ قَصائِدي!
* اللوحة للفنان الروسى: أليكسي أليكسيفيتش هارلاموف- 1840/ 1925.
وفى القصيدة إشارة إلى بيت “ابن النبيه”:
[أمانًا أيها القمرُ المُطلُّ * فمن جفنيْكَ أسيافٌ تُسَلُّ].