رسالة إلى شروقٍ لم يحن فجره
بقلم- نايف مهدي:
لمَ لا تفاجئينني برسالة تحت جُنح الليل، والتماع النجم وارتفاع البدر في مقصورة السماء!.
لمَ لا تحاولين، ولو على سبيل المجازفة، أن تنحِّي سفسطة العقل جانبًا وترهفي السمع لهمهمة قلبك الحزين! أرجوك أن تحاولي.
أمَا تعلمين أن نبض القلب للقلب نداء، مثلما أنّ الطلّ لأوراق الزهر كساء! ثوري واكسري حاجز الخوف كعنيدة تأبى الخنوع، كقطرة المطر حين تفارق السحاب، كليالي العمر حين تهجر النهار.
قاربي جفنيك من بعضهما وتهادي مختالة على إيقاع نايِّنا القديم.. دعي فراشات الحنين ترف حولك وتحط على إكليل الأقحوان المتوج لخصلات شعرك الناعم الطويل.
إنَّ الموت والحياة ياعزيزتي لا يغيِّران في أحاسيسينا شيئًا بقدر ما يبعثرها الفراق، وإن الخوف والفزع لا يُرهبان مثلما يرعب الجمود، وإن النسيان ما كان ليؤلمنا لولا رسوخ الذاكرة، ويا له من رسوخ!.
تناولي القلم واكتبي إليّ حتى يغلبك النعاس فوق دفاتر أوراقك، وحتى تنعكس لمعة الشروق على أطراف شعرك المنساب فوق منضدتك الخشبية الصغيرة..وحين يشرق محياك مِن وسن المنام، ويلقي عليك الطير تحية الصباح، انبذي اليراع من يدك وأُودعي ما كتبتِ مكاتب البريد.
لعلي أُذهل.. بل أكاد أُقسم إني سأُجنّ حين أجد رسالة منك بين رسائلي المهملة القديمة، يخُيل إليّ حينها أن رعشة جليدية ستنتاب أعماقي، بحيث أتردد معها طويلًا قبل أن أطالع خط يدك الحبيب.
شعور جليل بهي آسر لطيف حين أنشر جوابك بيديّ المتلهفتين، وعيناي تتنقلان ببطء شديد بين السطور المكتوبة القليلة، أرنو مليًّا إلى كلماتك وقد استحالت جزءًا فجزءًا إلى شريط فجرٍ رفيق خلال لجة الدموع، فيبتل بياض الورق قطرات قطرات.
ومع ذلك لم أعجب يا عزيزتي على الإطلاق، أفليس ها هنا موضع أنفاسك النقية ولمسة وجنتك الناعمة الرقيقة؟!.