أخبار المؤلفين والكتابالأخبار الثقافية

روايات “المزيني” بين الإبداع و تفلسف الواقع .. في حواره مع “الأدب نيوز”

"فلامنكو" تحاكي قضية مثيرة للجدل بطريقة سردية جديدة

  • العلاج بالطاقة أصبح اتجاه عالمي يلجأ إليه الكثير للتغلب على اعتلالات الروح والقلب من منطق روحاني

  • قريباً سيتم عرض روايتي “ما سيرى النور” في قالب مسلسل على أحد الشاشات العربية

  • تجربة تحول روايتي “ضرب الرمل” للدراما وقع في فخ فيروس “كورونا” وهذا ما سنعوضه في جزئها الثاني والثالث قريبًا

  • التقاطع بين روايتي “فلامنكو” و “أكثر من سلالم” من حيث الشخصية ناتج عن السباحة في العالم السردي الذي يؤدي إلى هذا النوع من التلاقي

  • الحبكة السردية في “فلامنكو” أننا لن نعود إلى مشاكل المرأة السابقة ولكنها تحاكي استقلال المرأة السعودية فهي من روح هذا العصر

حوار – منار إبراهيم:

في تجربة سردية جديدة تفلسف الواقع، صدرت رواية حديثة تسلط الضوء على أحدى طرق العلاج الحديثة التي يتجه إليها العالم للتغلب على معاناته النفسية والخروج من ظلماته وهي العلاج بالطاقة، وعلى غير العادة كانت بطلة الرواية فتاة سعودية دفعتها معاناتها النفسية للهروب إلى الغرب.

وهذا ما الفت “تغريد” نفسها داخله من مكعب أسود حملته داخلها، فاض بكل اوجاعها وآلامها حتى التقت بـ “رائد” معالج الطاقة المعروف، الذي أدرك عمق معاناتها النفسية والروحية، إنها قصة رواية “فلامنكو”، الصادرة عن مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع، وهذا ما سيحدثنا عنه مؤلفها الكاتب السعودي محمد المزيني، في حوار من القلب مع “الأدب نيوز”…

  • في البداية حدثنا أكثر عن روايتك، ما الذي دفعك لإصدار “فلامنكو” ومن أين أتتك هذه الفكرة المميزة؟

“فلامنكو” هي تجربة جديدة، دفعني لخوضها أحد القضايا المثيرة للجدل والمتعلقة بأحد المعالجين بالطاقة، ومن ثّم تعرفت على الكثير من النساء اللاتي اتجهن لهذا النوع من العلاج، اكتشفت أنهن يلجأن إلى “الفضفضه” أي إخبار المعالج بالطاقة بكل ظروف حياتهن وحتى ما لا يستطعن البوح به لأنفسهن أحياناً.

وهذا يشبه ما حدث مع بطلة الرواية “تغريد” التي تعرضت للتحرش من أقرب الأقرباء إليها، وبالتالي ذهبت لمعالج بالطاقة ليساعدها على الخروج من أزمتها.

  • هذا ما سيجعلني أسألك في ماذا تختلف “فلامنكو” عن غيرها من روايات “المزيني”؟ ولماذا اختارت المعالج بالطاقة ليكون بطل رئيسي في روايتك؟

هذه الرواية تستند على ملفات حقيقية وواقعية ولكن كيف نقدمها في قالب روائي هذا ما اختلفت به “فلامنكو”، حيث أنني أبحث دائمًا عن المختلف كي لا أكرر نفسي عند طرح رواياتي، لتصبح مختلفة في موضوعاتها وشخصياتها وأحداثها.

ويضيف تجربة “فلامنكو” جديدة جداً، حيث أصبحت رؤية العالم للطاقة تستند على كونها مولدة للروح والجسد أيضًا، ومن هنا وجد في العلاج بالطاقة بديلاً لطرق علاجية أخرى، حيث أن يوجد اعتلالات بالروح والقلب من منطق روحاني، وبالتالي أصبح العلاج بالطاقة يلجأ إليه الكثير، لذلك أحببت أن أسلط الضوء على هذه المسألة بأبعادها المختلفة.

وهذا حكيت عنه في روايتي، حيث واجهت شخصية المعالج بالطاقة العديد من الصعاب حين تُرد من البلد وذهب إلى مكان أخر، وعالج تلك الفتاة بالطاقة حتى اكتشفت عالم أخر للعيش ووجدت لها رؤية مختلفة نفسيه وروحانية ودينية.

  • نرى أن الرواية تتحدث بصوت الراوي العليم ثم يتحول الراوي الى ضمير المتكلم، إذًا ما المبرر الفني لاستبدال الراوي؟

الرواية تتقاطع بين عدة أصوات وهما: الراوي العليم الذي يفتتح الرواية من المنظور الداخلي للشخصية البارزة في هذا العمل حتى يتفاعل هذا الصوت مع الصوت الأخر وهو “الشخصية”، وعندما تقدم بشكل واضح ودقيق يبدأ الراوي العليم برسم ملامح الشخصية حتى يقترب من القارئ وتتشكل هويته، ثم يبدأ هذا المشكل بالتخاطر والتفاعل مع القارئ، وهي حيلة سردية نستند إليها لنخلق عالمنا السردي ونقدمه للقارئ ليتخلق في ذهنه، وكل قارئ له منظور واعتبارات مختلفة عن الأخر في النص الواحد.

  • لو تسنى لك إعادة تجربة تحويل الرواية إلى عمل درامي مثل ما حدث مع رواية “ضرب الرمل”، هل تكرر الأمر مع “فلامنكو”، وما الذي ستحتاط له هذه المرة؟

“فلامنكو” لها حساسية خاصة حيث تنتمي لتيار الوعي، وهذا التيار التعامل معه دراميا صعب لأنه يحتاج لحساسية كتابية عالية التقنية والرؤية، وقد يخفق مثلما أخفق مسلسل “ذاكرة الجسد” لـ أحلام مستغانمي عن قدمت في الأعمال الدرامية.

وأضاف لا يمنع تقديم “فلامنكو” في قالب درامي، وقريباً سيتم عرض روايتي ” ما سيرى النور” في قالب مسلسل على أحد الشاشات العربية، لتكون تجربة ثانيه لي بعد “ضرب الرمل”.

  • على ذكر ضرب الرمل، كيف كانت تجربة تحولها لعمل درامي، هل ترى أنها لاقت الصدى المرجو؟

تجربة تحول “ضرب الرمل” إلى عمل درامي، لم تلقى النتيجة المرغوبة نظراً لصعوبة الظروف التي مر بها العالم نتيجة لفيروس “كورونا”، ولم تتسنى لنا الفرصة سوى تقديم الجزء الأقل للمشاهد في صورة درامية، كما لم يأخذ السيناريو بروعتها التي كتبت بها، ولكنها فتحت لي أفاق أخرى حيث سيتم تعويض ذلك في جزئها الثاني “عنوان الغياب” والثالث “التحول”، ساعين إلى نقدم للمشاهد مادة رصينة ومختلفة دراميًا عن الجزء الأول الذي وقع في فخ فيروس “كورونا”.

  • لاحظنا ثمة تقاطع بين تجربتك السردية الأخيرة فلامنكو، وتجربة الروائي يوسف المحيميد “ليست مجرد سلالم” فالروايتان خرجتا في سنة واحدة، والبطلة فتاة سعودية في رحلة تعليمية إلى الغرب، كيف تفسر هذا التقاطع؟

في الحقيقة رغم قراءتي للعديد من روائع “المحيميد” إلا أنني لم أقرأ روايته هذه، وبطلة “فلامنكو” لم تخرج للغرب بدافع الدراسة ولكنها ذهبت هروبًا من الحالة النفسية التي كانت تعاني منها.

ومن هنا إذا كان هناك تقاطع بين الروايتين من حيث الشخصيات، فالعديد من الأعمال الروائية تقاطعت مع رواياتي في فصول كثيرة، الأمر الناتج عن السباحة في العالم السردي الذي يؤدي إلى هذا النوع من التلاقي، اتمنى أن يعالج الروائيون القضايا المتشابه للضغط على الكينونة الفكرية للمجتمعات التي تحتاج إلى انتزاعها مما استقر في تفكيرها من أراء عتيقه لا تتناسب مع العصر الحالي.

– بعد الإصلاحات الجديدة الخاصة بالمرأة التي شهدتها المملكة في الآونة الأخيرة، هل أصبحت قضية المرأة جاذبة للتجارب السردية في رأيك؟

المجتمع السعودي لم يكن يتعاطى مع المرأة بشكل مكثف مثل ما تحتاجه اليوم، حيث خرجت المرأة اليوم بحُليها الجديد لها تشريعات ومتطلبات وكينونة خاصة ومستقلة عن الرجل، هذا ما نحتاج أن نكتب عنه حاليا لأن هناك بعض الارتطامات بما يحدث لتشكيل صورة المرأة التي خرجت من صورة نمطية، حيث لم نتوقع أن هذه المرأة التي خرجت من أسرة محافظة جدًا أن نراها على مواقع التواصل الاجتماعي، ونراها كاشفة الوجه وملابس ضيقة أحيانًا، إذًا نحن أمام قضية تحتاج إعادة الرؤية فيها مرة اخرى والكتابة عنها من جديد ولكن بهذه التشكيلات الأخيرة لوضع المرأة.

وأكمل أيضًا نحتاج إلى إعادة الكتابة عن الرجل حيث لم نكتب عن الرجل بالطريقة التي تليق به، فكان الرجل قبل خروج المرأة واستقلالها محور الحياة الاجتماعية وثقل الحياة كبير عليه، لم نعالج هذه القضية كما تستحق والآن تكون المساواة بأن يكتب عن كليهما بشكل أخريات متوازي.

واختتم حديثه قائلاً: الحبكة السردية في “فلامنكو” أننا لن نعود إلى مشاكل المرأة التي كنا نعالجها سابقًا، فحين ذكرت أن الفتاة هنا سافرت واستقلت بنفسها هي من روح هذا العصر، إذًا نحتاج إلى نساء لديهن حصة تمرد تدفعهن للخروج عن سقف المجتمع الذي عشن فيه وبالتالي يقررن ما يناسبهن في حياتهن اليومية ويعشن تحت مظلة التشريعات الحديثة بالمملكة العربية السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى