جائزة أحمد شوقي الدولية للإبداع.. تختفي بالشعر في دورتها الثانية
أدب نيوز- القاهرة:
منذ اثنين وعشرين عامًا احتفل العالم أول مرةٍ لليوم العالمي للشعر وفق تسمية منظمة اليونسكو التي قررتْ في دورتها الثلاثين المنعقدة في باريس 1999م، اعتماد الحادي والعشرين من مارس من كل عام ليكون اليوم العالمي للشعر.
نحتفي بالشعر والشاعر في هذا اليوم من كل عام بجائزة أحمد شوقي الدولية للإبداع الشعري، وهي الجائزة التي قررت الجمعية العمومية للنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر إفرادها للشعر في مارس 2018م.
كان شوقي (1868-1932م) الوعد الشعريّ القابع في التاريخ الذي انتظره الشعر العربي وأبى أن يشرق إلا بعد عشرة قرون خلت من بعد المتنبي، ومن بعد ركود اطرد طويلاً، كاد الشعراء أن يتنكبوا طريق الشعر فيه حتى أتي ليرجعه إلى سيرته رفيعة الشأن في أعلى تجلياتها، ومازال شوقي موضعًا للإكبار والإكرام. حتى بعد وفاته في 13 أكتوبر 1932 . فكم كان حقيقًا بما بلغه من تفردٍ وصيت وشهرةٍ ونبوغ.
أخذ شوقي الشعر العربي وسار به إلى مرحلة البعث والتجديد، ومدّه بأسباب القوة والحياة. إنه الشاعر الذى لم يأت بعده من استطاع أن يتبوأ مكانته الشعرية في مصر والعالم العربي، والذي كان له تأثيره الواسع على الشعريات العربية المتعاقبة. وفى عام 1932 رحل شوقي عن دنيانا، كان شوقي يخشى الموت، فرزقه الموت الخلود والحياة،
ومع ذلك لم تفرد له الثقافة المصرية مؤسسة وأفرادًاـ حكومات ووزراء ثقافةٍ منذ موته حتى الآن جائزةً تخلد اسمه، وتؤكد موقعه الفريد في الشعرية العربية الحديثة، تكرمه في تراثه، وتذكر الأجيال الشعرية العربية على مر اختلاف مشاربها بنبوغه الفذ، وتدعوهم إلى الاقتداء بسيرته..
هذا ما دفع النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر إلى تخليد ذكراه بإفراد جائزة دولية باسمه، تمنح إلى شاعرين كبيرين مصري وغير مصري، وصلا لمنجزه، وإحياءً لمكانة الشعر والشعراء في يوم الشعر العالمي وها نحن نعلن للفائزيْن بجائزة احمد شوقي الدولية للإبداع الشعري في دورتها الثانية، وقد اهتم مجلس أمناء الجائزة وهو يضع شروطها أن تتضمن شروط الجائزة أهمّ السمات الجمالية القارة في شعره، وتلمسوا حضورها فيمن أعطيت له الجائزة.
وقد فاز بجائزة أحمد شوقي الدولية للإبداع الشعري في دورتها الثانية الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة من مصر. والشاعر شوقي بغدادي من سوريا.
فأما محمد إبراهيم أبو سنة فولد في مركز الصف بمحافظة الجيزة عام 1937م. وحصل على ليسانس كلية الدراسات العربية في جامعة الأزهر سنة 1964.
رحلة طويلة قطعها محمد إبراهيم أبو سنة، من ديوانه الأول قلبي وغازلة الثوب الأزرق سنة 1965، استغرقت ما يزيد على خمسة وخمسين عامًا من تجربة الشعر، الملآن بالحس، وبمفردات الوجود والحياة في عوالمها، لشاعر قنع بالفطرة الجمالية، واقتنع بشعور الانتماء المطبوع بالحيْرة والغربة في عالمٍ يراه فاسدًأ ولا سبيل إلى محاربته بغير الشعر، فجاء شعره ملآن بنظرة جمالية حزينة مستغرقة، لا يفسد صفاءها الشعري ما يمور حولنا من فسادٍ وقبح، تحرك شعره بين واقعٍ معيشي يرفضه ولا يملك تغييره، ومحتملٍ يبتغيه، ويقيمه في القصيدة، فجاء صوته مميزًا في شعراء الستينيات، وأطلت من القيم الجمالية المنثورة في شعره قيمٌ وطنية وأخلاقية رفيعة. وظل لشعره حضورٌ خاص يمسّ الوجدان مباشرة وهذا سر خصوصيته في التجربة الشعرية المعاصرة وما تفصح عنه أعماله: حديقة الشتاء 1969، الصراخ في الآبار القديمة 1973، البحر موعدنا 1982، رقصات نيلية 1993، أغاني الماء 2002 ورماد الأسئلة الخضراء، وورد الفصول الأخيرة، وشجر الكلام.
وأما الشاعر السوري شوقي بغدادي. فشاعر يبحث نصه عن قيم الحرية والعدل:
ولد شوقي بغدادي في بانياس -على الساحل السوري- عام 1928م، وتخرج في جامعة دمشق حاملاً إجازة في اللغة العربية وآدابها، وهو شاعر له صوته الفريد والخاص من ديوانه الأول “أكثر من قلبٍ واحد” – شعر – بيروت 1955. مرورا بديوانه “صوت بحجم الفم”، بغداد 1974،. وديوانه “قصص شعرية قصيرة جدًّا” – دمشق، 1981. وتتويجا بديوانه شيء يخص الروح إلى غير ذلك من أعمال شعرية ونقدية. على مدار خمسةٍ وستين عاما هي عمر تجربته الشعرية.
شوقي بغدادي الساعي في عالمه الشعري إلى عدالة فقدت، وإلى “شيء يخصّ الروح”، فلم يتنكب طريق التجريب في إطار فهمه الخاص بالالتزام، ولم يبتعد عن التجديد في إطار حسّه الخاص بوطأة الزمن وحراكه. أما الحبّ فجاء ممزوجًا بوطأة بحثه الدؤوب عن مثل الحرية والعدل والجمال وبإخلاص يصل إلى حد البراءة رافضا وطأة الاتصال وغربة الانقطاع معًا وهذا سرّ خصوصيته. وفرادة صوته القادر على التأثر بالمعيش واليومي، والتأثير به.
فهنيئا بالواصل الكبير، أحمد شوقي، والموصوليْن محمد إبراهيم أبو سنة، وشوقي بغدادي.