إبداعات
خط الطباشير
قصة- سمير الفيل:
على وجه الخصوص هناك شيء يمكن أن يقال في محو الخط الطباشيري ، وتشابه الجدران بعد ذلك.
لا يمكن أن نعرف بيتا إلا بعلامة ، وقد كان الخط الطباشيري واضحا ، وغليظا ، وله سمك يعلن عن رسوخه وقوته.
الخطوط مثل حظوظ الإنسان، فلو أنك تأملت كفك فبالتأكيد يمكنك رؤية خطوط مقوسة في باطن اليد، هي التي تحدد مصيرك مهما تشاغلت عن تلك الحقيقة أو تجاهلتها.
في حكاية “علي بابا والأربعين حرامي” أخطأ اللصوص بالاختباء في القدور فكشفت مرجانة عن وجودهم وكافأها سيدها بهدية لم تكن تتوقعها.
الخط الطباشيري المرسوم على الجدار كان يحدد بالضبط مكان حجرة النوم الذي تعيش وراء حائطه أميرته أو الإنسانة التي تصور أنه سيخطبها.
يختلط صوت الريح بأسنة الأسئلة التي أقلقته وهو يتقلب في فراشه ليضع في حقيبة الاحتمالات كل الحلول الممكنة.
يتصور أن والدها تاجر السمك القاسي سوف ينتبه للخط الطباشيري وسيخرج كي يمحوه ولن يتمكن من ذلك لأنه سيتبقى شيء ولو قليل من ذرات الطباشير.
في حالة سقوط المطر فستتحد القطرات الهاطلة بدقائق الطباشير وتترك خطوطا تتجمع في بركة ستكون باللون الأحمر الذي اختاره للمهمة.
لو أن عمال التليفونات أو ممرضات حملة التطعيم ضد الجدري أو عمال مد الغاز الطبيعي وضعوا علامات فلن ينتبهوا للخط الطباشيري الرفيع الذي سيكون مختلفا ، ومميزا.
لم يكن أبله ليضع خطا بالقلم الجاف أو الحبر أو الرصاص ، حيث وجد أن خط الطباشير أوقع ؛ فقد كانت لحظة ملهمة عليه أن يستثمرها.
الخط سيدفعه لمزيد من الخطوط بألوان قوس قزح، ولن يجري في الشوارع بقوة حتى لا تتأثر الحزمة التي معه لتصير إلى الأبيض الصامت المحير.
فليكتشف خدعتها فقد لمحته وهو يمرر الطباشير بالجدار ويحكم خطته فأفشلتها بمحو الذرات بقطعة قماش مبللة بالكحول.
لم يعد هناك خط ، ولا قطط تسير نصف نائمة ، ولا شرطي يسعل في الليل ، ولا عامل يعود من وردية الليل .
الكل انتهى من انشغاله ، ويواجهه صمت مميت ، ولا أثر لأي خط حتى مع بزوغ الفجر من أحشاء الليل الذي خدعه فبدل البيوت ومحا خطوطها.